تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إرسال رسالة خاصة إلى أبو عبد المعز

إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى أبو عبد المعز

إيجاد جميع المشاركات للعضو أبو عبد المعز

30/ 06/06, 09:56 09:56:39 PM

أبو عبد المعز

عضو مميز تاريخ الانضمام: 18/ 03/02

المشاركات: 528


{وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ... } (25) سورة يوسف.

هذا جزء من آية. وهو من عجائب القرآن لكل من تدبر. ودليل على الإعجاز لكل من أنصف:
فهل يطيق الثقلان أن يجمعا من المعاني ما اجتمع هنا في مساحة لا تتجاوز عشر كلمات؟
هل يستطيع أبلغ الإنس والجن أن يعبر عن المشهد المسرود في الآية في ثلاث جمل قصيرة ..... مع الوفاء بحق كل المعاني والعواطف والحركات والخواطر التي تشع من الآية.؟

1 -

استبقا:
الاستباق افتعال من السبق، والافتعال يوحي بالتكلف والتحمل بناء على قاعدة زيادة المعنى لزيادة المبنى ... فهاهنا سبق وزيادة. فكأن الفاعلين يتسابقان بكل ما أوتيا من طاقة ... وليس ذا التكلف إلا التعبير الجسدي عن الكامن النفسي:
فالمرأة واقعة تحت صارخ الشهوة. يدفعها بأقصى ما تستطيع.
والرجل واقع تحت إمرة التقوى يدفعه كذلك بأقصى ما يطيق.
فانظر إلى هذه التاء -وهي مجرد حرف-كيف أفصحت عن المكنونات.

2 -

استبقا الباب.
حذف حرف الجر (إلى) - بقطع النظر عن التوجيه الشكلي للصناعةالنحوية –يكشف عن محتوى نفسي عميق. يمكن رصده بمقارنة التعبيرين:
أ-استبقا إلى الباب.
ب-استبقا الباب.
(إلى) في الجملة (أ) حملت معلومة عن المسافة والاتجاه. ويكون معها (الباب) نهاية المسافة التي يراد قطعها.
لكن بحذف هذه المعلومة يصبح الباب هو البؤرة، فيكون إيقاع الفعل عليه هو نفسه لا إيقاعه في مسافة تفضي إليه. فليتأمل.
بعبارة أخرى نقول:
بأي شيء كان وعي الفاعلين مشغولا؟
بالباب أم بالمسافة الفاصلة؟
لا ريب أن الباب هو المقصود، والاهتمام- أثناء السباق- منصرف إلى الفتح أو الاغلاق وليس إلى وقع الخطوات وامتداد المسافة .... فلتحذف (إلى) إذن، ليبرز التعبير ما يوافق المقام: حركة الجسم وهي نحو السباق وحركة الذهن وهي نحو الباب.
لله در هذا القرآن.

3 -

استبقا الباب.
ألف الإثنين مثبتة لفظا لا نطقا،بسبب التقاء الساكنين، فيقرأ الفعل كأنه مفرد.
هذا الحذف له إيحاء دلالي يكشف عن سرعة الحدث: فلا وقت للمد في التعبير كما لا وقت للإبطاء في المعبر عنه.

4 -

استبقا الباب.
فعل مشترك بين الفاعلين، ولكن شتان بين القصدين. وبعبارة أوضح يصف المشهد-خارجيا- جسمين مندفعين في الفضاء في اتجاه واحد. لكن-داخليا-نلمس حركتين متعاكستين: الرغبة في الاستبقاء مقابل الرغبة في التملص. النزوع نحو الخروج والنزوع إلى المنع من الخروج.

5 -

سيدها لدى الباب.
تكررت كلمة (الباب) مرتين مع أن الآية مبنية على الإيجاز ..... وما ذاك إلا لأهمية" الباب "في المشهد وتعدد وظائفه بحسب الشخصيات .....
فالباب في سياق الاستباق ملحوظ باعتباره مخرجا.
أما الباب في سياق ذكر السيد فملحوظ باعتباره مدخلا.
فكان العبارة نبهت على أن الباب كما يستعمل للخروج يستعمل أيضا للدخول.لكن يبدو أن هذا المعنى الثاني كان غائبا عن الوعي حتى وقعت المفاجأة.

6 -

وألفيا سيدها لدى الباب.
يتحرك المشهد بسرد إعجازي:
-الحركة السريعة في الاستباق.
-العنف المصاحب للحركة (قد القميص)
-ثم الوجوم وانقطاع الحركة وتوقف فجائي للعملية مع ظهور السيد لدى الباب.

7 -

سيدها ....
قال المفسرون:لم يقل سيدهما لأن يوسف عليه السلام لم يكن مملوكا على الحقيقة للعزيز .. وقال "سيدها" بالنظر إلى عرف القوم في اعتبار الزوج سيدا للزوجة.
وكيف كان فإن التعبير بسيدهما لا يتسق مع المقام ..... لأن قوة المشهد ليس في اعتبار العزيز مالكا،ولكن في اعتباره زوجا وبعلا لإظهار خيانة المرأة و تأزيم الوضع برسم معالم الفضيحة .... فلم يناسب إلا "سيدها" فتأمل.

8 -

وقدت قميصه من دبر.
وصف لحركة خارجية واحدة .... لكن كم تختزل من معان وأحداث.
-الرجل أقوى وأسرع من المرأة.
-المرأة تريد أن تستيقي الرجل فتتمسك بكل ما تستطيع.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير