تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ وللشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان لذلك عند قوله تعالى وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ فكأنه في قوة اقرأ ما يوحي إليك من ربك والمراد به هو القرآن بالإجماع المسألة الثانية قوله بِاسْمِ رَبِّكَ أي اقرأ باسم ربك منشئاً ومبتدئاً القراءة باسم ربك وقد تكلم المفسرون على الباء أهي صلة ويكون اقرأ اسم ربك أي قل باسم اللَّه كما في أوائل السور وقيل الباء بمعنى على أي على اسم ربك وعليه فالمقروء محذوف والذي يظهر واللَّه تعالى أعلم أن قوله بِاسْمِ رَبِّكَ أي أن ما تقرؤه هو من ربك وتبلغه للناس باسم ربك وأنت مبلغ عن ربك على حد قوله وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى وقوله مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلَاغُ أي عن الله تعالى وكقوله وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ونظير هذا في الأعراف الحاضرة خطاب الحكم أو ما يسمى خطاب العرش حينما يقول ملقيه باسم الملك أو باسم الأمة أو باسم الشعب على حسب نظام الدولة أي باسم السلطة التي منها مصدر التشريع والتوجيه السياسي وهنا باسم اللَّه باسم ربك وصفة ربك هنا لها مدلول الربوبية الذي ينبه العبد إلى ما أولاه الله إياه من التربية والرعاية والعناية إذ الرب يفعل لعبده ما يصلحه ومن كمال إصلاحه أن يرسل إليه من يقرأ عليه وحيه بخبري الدنيا والآخرة وفي إضافته إلى المخاطب إيناس له المسألة الثالثة وصف الرب بالذي خلق مع إطلاق الوصف وذلك لأن صفة الخلق هي أقرب الصفات إلى معنى الربوبية ولأنها أجمع الصفات للتعريف باللَّه تعالى لخلقه وهي الصفة التي يسلمون بها " وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ " وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ " ولأن كل مخلوق لا بد له من خالق أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ وقد أطلق صفة الخلق عن ذكر مخلوق ليعم ويشمل الوجود كله خالق كل شيء في قوله ذالِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ، اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَى كُل شَىْءٍ وَكِيلٌ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ " وتلك المسائل الثلاث هي الأصول في الرسالة وما بعدها دلالة عليها فالأمر بالقراءة تكليف لتحمل الوحي وباسم ربك بيان لجهة التكليف والذي خلق تدليل لتلك الجهة أي الرسالة والرسول والمرسل مع الدليل المجمل ولا شك أن المرسل إليهم لم يؤمنوا ولا بواحدة منها فكان لا بد من إقامة الأدلة على ثبوتها بالتفصيل ولما كانت جهة المرسل هي الأساس وهي المصدر كان التدليل عليها أولاً فجاء التفصيل في شأنها بما يسلمون به ويسلمونه في أنفسهم وهي المسألة الرابعة والخامسة خلق الإنسان من علق وهذا تفصيل بعد إجمال ببيان للبعض من الكل فالإنسان بعض مما خلق وذكره من ذكر العام بعد الخاص أولاً ومن إلزامهم بما يسلمون به ثم لانتقالهم مما يعلمون ويقرون به إلى مالا يعلمون وينكرون وفي ذكر الإنسان بعد عموم الخلق تكريم له كذكر الروح بعد عموم الملائكة تنزل الملائكة والروح فيها ونحوه والإنسان هنا الجنس بدليل الجمع في علق جمع علقة ولأنه أوضح دلالة عنده ليستدل بنفسه من نفسه كما سيأتي وقوله مِنْ عَلَقٍ وهو جمع علقة وهي القطعة من الدم كالعرق أو الخيط بيان على قدرته تعالى وذلك لأنهم يشاهدون ذلك أحياناً فيما تلقى به الرحم ويعلمون أنه مبدأ خلقة الإنسان فالقادر على إيجاد إنسان في أحسن تقويم من هذه العلقة قادر على جعلك قارئاً وإن لم تكن تعلم القراءة من قبل كما أوجد الإنسان من تلك العلقة ولم يكن موجوداً من قبل ولأن الذي يتعهد تلك العلقة حتى تكتمل إنساناً يتعهدها بالرسالة وقد يكون في اختيار الإنسان بالذات وبخصوصه لتفصيل مرحلة وجوده أن غيره من المخلوقات لم تعلم مبادىء خلقتها كعلمهم بالإنسان ولأن الإنسان قد مر ذكره في السورة قبلها لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ فبين أنه من هذه العلقة كان في أحسن تقويم ومن حسن تقويم إنزال الكتاب القيم وقال شيخ الإسلام ابن تيمية إن المقام هنا مقام دلالة على وجود اللَّه فبدأ بما يعرفونه ويسلمون به للَّه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير