نعودُ إلى قولِ اللهِ تعالى: "أمْ حسِبْتَ أنَّ أصحابَ الكهفِ والرقيمِ كانوا مِنْ آياتِنا عَجَباً". فَمِنْ مُنْطَلَقِ ما تقدَّمَ يمكنُ أنْ نفهمَ الآيةَ هكذا: (أمْ حسِبْتَ أنَّ الآياتِ المتحدِّثةَ عَنْ نبأِ أصحابِ الكهفِ والرقيمِ ستكونُ آياتٍ ذاتَ عجبٍ مِنْ دونِ سائرِ آياتِ القرآنِ المجيدِ، أوْ أنَّها ستكونُ أعجبَ منها، وأنَّها هي وَحْدَهاَ مِنْ دونِها، ستجعلُ قومَكَ يؤمنونَ ويهتدونَ؛ ولا تعودُ بعدَ ذلكَ باخعاً نفسَكَ على آثارِهِمْ؟) .. ووفْقَ ما يسيرُ عليْه القرآن ُ الكريمُ منَ الإيجاز فلوْ لو لم يكنِ القصدُ منَ الآيات هوَ آياتِ القرآنِ نفسِهِ ربما جاءَتِ الآيةُ هكذا: (أم حسبتَ أنَّ أصحابَ الكهفِ والرقيمِ كانوا عجباً .... ).
مما سبقَ نصلُ إلى أنَّ أصحابَ الكهفِ والرقيمِ كانوا مِنْ آياتِ القرآنِ المجيدِ. وآياتُ القرآنِ المجيدِ كلُّها عَجبٌ. فَكَمْ آيةً مِنْ آياتِ القرآنِ الكريمِ كانوا؟
إنِّهم كانوا ثمانِيَ عشرةَ آيةً؛ وبذلكَ فإنَّهم كانوا ثمانيةَ عشرَ فتىً. وقصةُ هؤلاءِ الفتيةِ هيَ: مِنْ آياتِ اللهِ تعالى، وقدْ جعلَهم آياتٍ في حديثِ القرآنِ الكريمِ؛ فهذهِ الآياتُ هيَ: "هُمْ"؛ فهمْ آياتٌ مِنَ القرآنِ الكريمِ. كانوا آياتٍ مِنْ آياتِهِ العجبِ، فَعِدَّتُهُمْ هيَ: عددُ هذهِ الآياتِ، وعددُ هذهِ الآياتِ، هوَ: "18"، فعِدَّتُهم إذاً: 18.
ويجدُرُ أنْ نتذكرَ قصةَ الذي أماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ، وجعلَهُ آيةً للعبرةِ، وهذهِ الآيةُ صارتْ هذهِ "الآيةَ" الكريمةَ: "أَوْ كَالَّذي مَرَّ على قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ على عُروشِها قالَ: أنَّى يُحْيي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، قالَ: كَمْ لَبِثْتَ؟ قالَ: لَبِثْتُ يَوْماً أوْ بَعْضَ يَوْمٍ. قالَ: بَلْ لَبِثْتَ مائةَ عامٍ؛ فَانْظُرْ إلى طَعامِكَ وشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ، وَانْظُرْ إلى حِمارِكَ؛ وَلِنَجْعَلَكَ آيةً للناسِ، وَانْظُرْ إلى العِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسوها لَحْماً. فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ: أَعْلَمُ أنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ" (البقرة:259).
إنَّ "العُزَيْرَ" آيةٌ على قدرةِ اللهِ تعالى على الإحياءِ، وجاءَ الحديثُ عَنْها في آيةٍ واحدةٍ، أيْ جعلَهُ اللهُ تعالى آيةً قرآنيةً. والفتيةُ أيضاً هُمْ: آياتٌ على قدرةِ اللهِ تعالى على الإحياءِ، وهُمْ متساوونِ، فكلٌّ مِنْهُمْ في ذلكَ، هوَ وحدَهُ "آيةٌ". ولَمَّا كان العُزَيْرُ "آيةً"، وجاءَ ذِكْرُهُ في آيةٍ واحدةٍ فقط، وكانَ أمرُ الفتيةِ في الدلالةِ النهائيةِ أيضاً مُماثِلاً لِأَمْرِهِ، فإنَّ عددَ الآياتِ التي ذَكَرَتْهُمْ، هُوَ: على قَدْرِ عِدَّتِهِمْ؛ كَما ذُكِرَ العُزيْرُ في آيةٍ واحدةٍ على مثلِ قَدْرِهِ. وعددُ الآياتِ التي قدْ قَصَّتْهُمْ، هوَ "18"؛ فعدَّتُهم إذاً تساوي "18"، أيْ: إنَّ آياتِ قصتِهِمْ، آياتِ النبأِ الحقِّ، قدْ جاءتْ في عددٍ مِنَ الآياتِ يُساويهم.
وفتيةُ الكهفِ – في معرفتِنا - هُمْ آياتٌ قرآنيةٌ؛ فنحنُ نَعْرِفُهُمْ آياتٍ في قصصِ القرآنِ المجيدِ، لا أشخاصاً. فَكَمْ آيةً مِنَ الآياتِ هُمْ؟
أصحابُ الكهفِ هُمْ: آياتٌ قرآنيةٌ. فَمَنْ همْ في علمِنا؟ .. همْ تلكَ الآياتُ القرآنيةُ المجيدةُ.
هُمْ آياتُ نبئِهم: تَحَوَّلوا مِنْ شُخوصٍ إلى آياتٍ، صاروا آياتٍ قرآنيةً كريمةً؛ فالسؤالُ: كَمْ هُمْ؟ - هوَ: سؤالٌ مساوٍ لهذا السؤالِ: كَمْ هِيَ آياتُ نبئِهم؟ ..
هم آياتُ قصتِهم، وآياتُ قصتِهم، هيَ: هُمْ. فالسؤالُ: كم هِيَ عِدَّتُهم؟ .. هوَ في الحقيقةِ نصٌّ آخرُ للسؤالِ القائلِ: كَمْ هُوَ عددُ آياتِ قصتِهم؟
وأقولُ مُخْتَصِراً – مُعْتَذِراً عَنِ التكريرِ والتَّطْويلِ، وعَنِ التدويرِ والتحويلِ - أقولُ: كانَ "أصحابُ الكهفِ والرقيمِ" آياتٍ قرآنيةً، وهذهِ الآياتُ: ثمانِيَ عشرةَ آيةً؛ فَهُمْ إذاً ثمانيةَ عشرَ فتىً.
===============
ونامَ أهل الكهف 390 سنة شمسيّةً
(ثلاثمائة وتسعين)؟! ..
يقولُ عالمُ الغيبِ والشهادة في حقِّ: "أصحاب الكهف والرقيم" في سورة الكهف:
"فَضَرَبْنا عَلى آذانِهِمْ في الكهفِ سِنيَن عَدَداً. ثمَّ بعَثْناهم لِنعلمَ أيُّ الحزبيْنِ أحصى لِما لَبِثوا أمداً".
¥