[الألفية والدراسات التي دارت حولها]
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 05, 02:10 م]ـ
الألفية والدراسات التي دارت حولها (*)
تعريف الألفية وسبب نظمها وأصلها
تناولت في هذا الفصل الألفية وأهميتها وسبب نظمها وأول شارح لها , والخلاف في ذلك , ثم تناولت شروح الألفية وحواشيها وإعرابها ونثرها ونظمها واختصارها وكثيراً من الدراسات التي دارت حولها , والتزمت في ذكرها الترتيب حسب تواريخ وفيات مؤلفيها , وما كان مجهول الاسم أو الوفاة ذكرته في آخر الترتيب.
سبب نظم الألفية: نظم ابن مالك خلاصته المشتهرة بالألفية بحماه للشيخ شرف الدين البارزىّ , قال ابن الوردي في تاريخه (1) (وأخبرني قاضي القضاة شرف الدين هبة الله البارزىّ قال: نظم الشيخ جمال الدين الخلاصة الألفية بحماه عندنا برسم اشتغالي فيها).
وفي نفح الطيب (وأما هذه – يعني الألفية – فذكر لي مَنْ أثق بقوله أنه صنَّفها برسم القاضي شرف الدين هبة الله ابن نجم الدين عبدالرحيم ابن شمس الدين إبراهيم ابن عفيف الدين ابن هبة الله ابن مسلم ابن هبة الله ابن حسان الجهني الحمدي الشافعي , الشهير بابن البارزي) (2).
ووضعها في ثمانية وسبعين باباً وفصلاً , ضمّتْ لأهم أبواب النحو والصرف , والألفية عبارة عن اختصار للكافية الشافية في النحو , وقد ورد في الألفية كثير من أبيات الكافية الشافية بلفظها ونصها , وقد أشار ابن مالك إلى الألفية فقال:
وأستعين الله في ألفيهْ ... مقاصد النحو بها محويهْ
وأشار إلى أنها اختصار للكافية فقال:
أحْصَى من الكافية الخُلاصَهْ ... كَمَا اقتضى غنيً بلا خَصَاصهْ
أهمية الألفية
ود كُتب لألفية ابن مالك أن تشيع وتذيع , وتشتهر في حلقات الدرس النحوي , وصارت من أهم المنظومات النحوية , فاستقطبت جهود الدارسين نحوها , وأصبحت محور نشاطهم , وكانت هي وما دار حولها من شروح , وما وضع على شروحها من حواشٍ وتقريرات وتقييدات وتعليقات , وشروح لشواهد شروحها أو بعضها , من أهم أعمدة الدراسات النحوية الرئيسية , منذ وضعها ناظمها , وإلى يومنا هذا , وقد أدى ما حظيت به الألفية من ذيوع وشهرة إلى أن يهجر الدارسون أو أكثرهم كتب النحو الأصلية , ككتاب سيبويه , والإيضاح العضدي لأبي علي الفارسي , والمقتضب لأبي العباس المبرد , وأقبلوا عليها شرحاً , ونظماً , ونثراً , وتعليقاً , وتقييداً , وغير ذلك , وكان من أهم أسباب هذا الإقبال العظيم , كونها نظماً , إذ النظم أكثر علوقاً بالذاكرة وأسهل حفظاً , ويصعب نسيانه , بعكس النثر , كما أنها تتمتع بموسيقى داخلية عالية , وبساطة وسلاسة في لغتها ومفرداتها بوجه عام.
يتبع إن شاء الله تعالى
ــــــــــــ
*) الموضوع منقول.
1) تاريخ ابن الوردي 2/ 222.
2) نفح الطيب 2/ 431.
ـ[بن سالم]ــــــــ[19 - 08 - 05, 01:58 ص]ـ
اِستَمِرْ بَارَكَ اللهُ فيكَ.
ـ[العوضي]ــــــــ[27 - 08 - 05, 06:20 ص]ـ
شروحها
وقد عدَّ حاجي خليفة في كشف الظنون ما يزيد على أربعين شرحاً من شروحها , كما ذكر – أيضاً – عدداً من المختصرين والناثرين والمعربين لها , وعدداً من أصحاب الحواشي على تلك الشروح , وعدداً من شارحي شواهد بعض شروحها (3).
وقد ذكر كارل بروكلمان ما يقرب فمن ذلك في كتابه (تاريخ الأدب العربي) (4) , وذكر أغابزرك الطهراني أحد عشر شرحاً للألفية بالعربية والفارسية (5).
كما ذكر إسماعيل البغدادي عدداً من شروحها وبعض الحواشي عليها في إيضاح المكنون (6).
مَنْ أولُ شارحٍ للألفية؟
نقل السيوطي في بغية الوعاة , وحاجي خليفة في كشف الظنون عن الإمام شمس الدين الذهبي في كتابه
(تاريخ الإسلام) أن لابن مالك شرحاً على خلاصته.
قال السيوطي (7) (ومن أغرب ما رأيته في شرح الشواهد لقاضي القضاة العلامة بدر الدين محمود العيني , قال في شواهد المبتدأ:
* ولولا بنُوها حولها خطبتُها *
كذا وقع في كتاب ابن الناظم , وكذا في شرح الكافية والخلاصة لأبيه , وهو تصحيف , وما ذكره من أن والده شرح الخلاصة ليس بمعروف , والظاهر أنه سهوٌ , ثم رأيت في تاريخ الإسلام للذهبي أيضاً , قال في ترجمته: وله الخلاصة وشرحها , والله أعلم).
وقال حاجي خليفة (وله عليها شرح ذكره الذهبي ... ) (8).
ولكن شرح ابن مالك على خلاصته أم لم يثبت , لأن الذين ترجموا له كاليونيني في ذيل مرآة الزمان , والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى , , والصفدي في الوافي بالوفيات , وابن كثير في البداية والنهاية , وابن الوردي في تاريخه , لم يذكر أحد منهم أن ابن مالك شَرَحَ ألفيته , على حين أنهم ذكروا شرحه للكافية الشافية , وتسهيل الفوائد وتكميل المقاصد , وشرحه على عمدة الحافظ وعدة اللافظ , فلو كان قد شرح الألفية لما كان هناك من سبب يمنع ذكرهم لهذا الشرح بين تآليفه.
وقد تَنَاقَلَ العلماء في كتبهم , من مشارقة ومغاربة , أقواله ولو راجعنا مصنفات النحاة الناقلين عنه كالأشموني , والأزهري , والمكودي , والسيوطي , و غيرهم , لم نجد عندهم نقلاً واحداً عن شرح ابن مالك لخلاصته , على حين نجد نقولاً كثيرة عن التسهيل والكافية والعمدة , وشروحها.
وترتيباً على ما سبق بيانه فإني أشارك الشيخ محمد الطنطاوي (9) , والدكتور عبدالكريم محمد الأسعد (10) في عَدهما ابن الناظم أوَّل شارح للألفية , وبشرحه هذا مهد السبيل للشراح الذين أتوا بعده , وذلك النقل عنه , وبسطهم لما ورد في شرحه , حتى صار علماً بالغلبة للشارح , إذا أطلق في الشروح , ومن ثم اشتهر بشرح ابن الناظم.
ـــــــــــــــــــــ
3) كشف الظنون 1/ 151 - 155.
4) تاريخ الأدب العربي 5/ 277 - 291.
5) الذريعة 13/ 105.
6) إيضاح المكنون 1/ 119 - 120.
7) بغية الوعاة 1/ 133.
8) كشف الظنون 1/ 151.
9) نشأة النحو ص 231.
10) الوسيط في تاريخ النحو العربي ص 206.
¥