تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فن الصرف ...... الحلقة الأولى]

ـ[أبو يحيى التركي]ــــــــ[14 - 11 - 05, 09:58 م]ـ

أيها الأحبة كما عنونت فهذه الحلقة الأولى في فن الصرف، والحقيقة أني أهدف من وراء هذه الحلقات إلى تقديم نبذة يسيرة عن هذا الفن، وسأقتصر على ذكر مبادئه، بعض كتبه، وربما أعرج على الميزان الصرفي تعريج ختام لبالغ أهميته، ولا أعتزم الزيادة على ذلك.

سأحاول أن يكون كلامي مبسطا واضحا، ولن أعقد الكلام، ولن أضيق المقام، بل ربما تنازلت عن بعض البيان رجاء البيان، وأطلت للتبيان، وأسبلت ثوب الكلام لأحوز دعاء الإخوان، مع اعترافي أنني متسلق مجازف، فكم في الملتقى من عالم وعارف، ولكن حسبي أني الطالب بين يد أشياخه، فاحتملوا إطلالتي، وتغاضوا عن تسلقي، وأوضحوا لي زلتي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في هذا المجلس سأتكلم عن حد علم الصرف بتبسيط قدر المستطاع

الحد:

لغة: التغيير والتحويل ومنه: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم} {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم} ومنه: تصريف الرياح وصرف الله عنك الأذى.

أما اصطلاحا فله جهتان: فيعرف من جهة كونه علميا ويعرف من جهة كونه عمليا.

أما الجهة العلمية أي بالنظر إلى كونه علما فعرفه ابن الحاجب بقوله: علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب.

علم: هذا جنس يشمل كل علم.والمراد بقولنا علم أي إدراك.

العلم إدراك المعاني مطلقا ـــــ وحصره في طرفين حققا

والعلم يطلق ويراد به الإدراك. ويطلق تارة ويراد به المسائل أي مسائل الفن. ويطلق تارة ويراد به الملكة أي الهيئة الراسخة في النفس والتي يحصلها المتعلم بسبب طول الممارسة. فله إذن ثلاث إطلاقات لكن المراد بالعلم هنا الإدراك. ولا داعي لتعريف الإدراك، إذ هو واضح تماما.

بم يتعلق هذا الإدراك؟ قال بأصول.

جمع أصل وهو هنا بمعنى القاعدة والضابط والقانون وكلها مترادفة في هذا المقام وهي كما قال الجرجاني في التعريفات والصنعاني في إجابة السائل: قضية كلية يتعرف من خلالها أحكام جزئيات موضوعها.

فقول النحاة: الفاعل مرفوع. هذه قضية والقضية هي الخبر والخبر ما احتمل الصدق والكذب لذاته.

ما احتمل الصدق لذاته جرى ـــــ بينهمُ قضية وخبرا

وقال في عقود الجمان في تعريف الخبر

محتمل للصدق والكِذْب الخبر ـــــ وغيره الانشا ولا ثالث قر

قضية كلية: يعني ما كان موضوعها كليا.

الموضوع باختصار هو المبتدأ والفاعل، ويقابله المحمول وهو الخبر والفعل.

والمراد بالكلي: ما لا يمنع تعقل مدلوله من وقوع الشركة فيه.

بمعنى أنك إذا تعقلت معناه وتأملته وفهمته فلا يمنع تفهمك إياه من وقوع الشركة فيه بمعنى أنه لا يختص بفرد معين، فإنسان هذا كلي لا يختص بفرد معين بل يشمل زيدا وعمرا وخالدا .......

أو قل في تعريف الكلي: ما أفهم اشتراكا بين أفراده.

فمفهم اشتراك الكلي ـــ كأسد وعكسه الجزئي

إذن القاعدة والأصل قضية كلية. مثل قولنا الفاعل مرفوع.

يتعرف من خلالها: أي من خلال هذه القضية الكلية.

أحكام جزئيات موضوعها:

الموضوع في المثال السابق هو الفاعل وهو كلي له أفراد، له جزئيات، وهي زيد في قولك: انتصر زيد، وخالد في قولك: نجح خالد، وعمرو في قولك فهم عمرو.

هذه الجزئيات: ما حكمها؟ حكمها أنها مرفوعة.

من أين تعرفنا على حكم هذه الجزئيات؟ من خلال القضية الكلية وهي الفاعل مرفوع. وبذا يبين تعريف الأصل والقاعدة.

يعرف بها: بهذه الأصول وهذه القواعد.

أحوال: أحوال البدن أي ما يعتري هذا البدن من صحةومرض، أحوال الكون: ما يعتريه ويعرض من كوارث ومناخ واضطرابت ... وهكذا فأحوال أبنية الكلم: أي ما يعرض لهذه الكلمة ويعتريها ككون الكلمة فعلا ماضيا أو اسم فاعل أو اسم مفعول أو اسم آلة، كذلك هل هي صحيحة أم معتله، هل فيها إعلال أم قلب أم حذف إلى آخر ذلك مما يتعلمه طالب علم الصرف.

أبنية الكلم: البنية والصيغة والوزن بمعنى واحد والمراد به الكلمة من جهة عدد حروفها وحركاتها وسكناتها.

يعرف بها أحوال أبنية الكلم: أخرج كل علم ماعدا النحو والصرف.

التي ليست بإعراب: أخرج علم النحو.

التي ليست بإعراب: أي ولا بناء.

هذا من الجهة العلمية.

أما من الجهة العملية أي من حيث كونه عمليا تطبيقيا فهو:

تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعان مقصودة لا تحصل إلا بها.

تحويل: أي نقل وتغيير.

الأصل الواحد: وهو المصدر وغيره.

فتغيير الضرب ونقله إلى ضرب يضرب ضرب مضروب مضرب .... ، وكذلك يشمل غير المصدر لأن باب التثنية والجمع والتصغير والنسب، كتحويل قريش إلى قرشيان وقرشيون وقرشي ....

إلى أمثلة: أي إلى صيغ وسبق معنى الصيغة والبنية

مختلفة: أي اختلفت ألفاظها بسبب اختلاف معانيها.

فأنت حولت الضرب إلى ضرَب ويضرب وضارب ........

يرد السؤال ما سبب هذا التغيير؟

فالجواب: لمعان مقصودة لا تحصل إلا بها أي لا تحصل تلك المعاني إلا بهذه الأمثلة.

فالدلالة على المضي لا تحصل إلا بضرب والدلالة على الحال لا تحصل إلا بيضرب ... وهكذا

قال محمد حامد رحمه الله ناظما التعريف:

الصرف قسمان في إطلاقهم عملي ــــ وهو المعرَّف بالتغيير في النُقََل

وقسمه الثاني علمي يعم على ــــ قواعد ملكة إدراكهن يلي

ومن تأمل صبانا لذاك ويا ـــــ سينا يجده كما قال النظام جلي

وأوضح منه ما قاله الشيخ المرشدي رحمه الله في نظمه لمختصر التصريف للعزي المسمى بالترصيف:

في اللغة التصريف تغيير وفي ــــ عرفهمُ مصدر فعلِ صرِّفِ

تحويل أصل لمثال أو إلى ـــــ أمثلة تخالفت ليحصلا

بذاك معنى أو معان جمه ـــــ وإن تشا العلم فهاك رسمه

علم به يعرف حال البنيةِ ـــــ أي حكمها من صحة وعلةِ

والله أعلم.

قريبا تكون الحلقة الثانية بإذن الله.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير