["لام" التعريف عند الفريقين: أهل النحو وأهل البيان.]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 - 11 - 05, 06:57 ص]ـ
للناس في المعرف باللام ثلاثة مذاهب:
أولا مذهب النحاة , والمشهور عندهم التقسيم الرباعي الصارم -بحيث لا يختلط قسم بقسم -ويذكرون المعاني الأربعة:
-الجنس
-العهد الذهني.
-العهد الخارجي.
-الاستغراق.
قال العدوي مبينا سبب القسمة الرباعية:
اعلم أن "ال"إما أن يشار بها للحقيقة وإما أن يشار بها للأفراد, والتي يشار بها للحقيقة إما أن يشار بها للحقيقة من حيث هي وتسمى "لام الجنس" وإما أن يشار بها للحقيقة من حيث تحققها في حصة من الأفرادغير معينة ويقال لها" لام العهد الذهني ",نحو "ادخل السوق "إذا كان في البلد أسواق متعددة و "اشتر اللحم" و "أخاف أن ياكله الذيب", والتي يشار بها للأفراد إما أن يشار لكل أفراد الحقيقة ويقال لها "لام الاستغراق" نحو "إن الإنسان لفي خسر" بدليل قوله بعد:"إلا الذين آمنوا"لأن الاستثناء يدل على العموم والاستغراق في المستثنى منه وإما أن يشار بها إلى حصة من الأفراد معينة نحو "جاء القاضي" إن لم يكن في البلد إلا قاض واحد ويقال لها "لام العهد الخارجي" فالأقسام أربعة. انتهى.
ولتقريب هذا التقسيم وأنواعه ننطلق من قوله تعالى على لسان نبيه يعقوب"وأخاف أن ياكله الذيب" لتحديد معنى "ال":
-هل هي للاستغراق؟
لا. لأن يعقوب عليه السلام لا يريد أن يخبر بأنه يخشى على ابنه من كل ذئاب الدنيا.
-هل هي للحقيقة أعني للجنس؟
لا. لأن الحقيقة هي الماهية المجردة وهي لا تكون كذلك إلا في الذهن فلا خوف على يوسف من اعتبار ذهني!
لم يبق إلا أن يكون الذئب فردا-أو حصة- وهنا احتمالان:
-هل هو فرد معهود في الخارج؟
هذا مستبعد. فالقول به معناه أن هناك ذئبا معينا معروفا ومعهودا وربما له سوابق كأن يكون مثلا قد تعرض لهم من قبل أو افترس لهم شاة أو نحو ذلك لكن سياق القصة القرآنية لا يؤيد هذا الاحتمال .... فلم يبق إلا أن يكون الذئب فردا متصورا في ذهن يعقوب عليه السلام وهو المراد.
هذا ويطلق على لام الجنس أسماء أخرى: فيقال لها لام الحقيقة ولام الماهية ولام الطبيعة.
هذا والمعرف بلام العهد الذهني يراد به فرد غير معين فحصل الإشكال المعروف:
إذا كان اسم الجنس موضوعا للفرد المنتشر فما فائدة اللام؟
قيل في الجواب: أن معنى المراد في المحلى باللام والمعرى عنها -وإن كان فردا منتشرا في كل منهما -ملحوظ في المحلى باللام بكونه فردا للماهية وجزئيا من جزئياتها ومندرجا تحتها ومطابقا إياها إلى غير ذلك من الاعتبارات المناسبة وهذا معنى عهدية ذلك الفرد في الذهن وغير ملحوظ في المعرى من اللام بكونه فردا منها وجزئيا من جزئياتها ومندرجا تحتها ومطابقا إياها مع أن ذلك الفرد في نفس الأمر كذلك. وبعبارة أخرى هم ميزوا بين المصاحبة والتحقق وبين الملاحظة والاعتبار .... فمن جهة التحقق استوت النكرة واسم الجنس لكن من جهة الملاحظة والاعتبار افترقا فالنكرة غير ملحوظة أما المعرف بلام الجنس العهدية فملحوظ. وبهذا التمايز عد هذا من المعارف وتلك من النكرات.
لا يخفى ان هذا التعليل قد لا يصمد أمام التمحيص لأن تلك الملحوظية التي عولوا عليها في التمييز لم تخرج الفرد المنتشر من الإبهام والنكارة. ومع ذلك فلهم ان يتمسكوا بحجة جدلية مفادها أن المعرف بلام الحقيقة يعتبر من المعارف مع أن معناه أمر كلي شامل لجميع ما تحته من الأفراد بل الابهام بقي على حاله ومع ذلك لم يقل أحد أن تعريفه تقديري بل حقيقي. وعدهم إياه من المعارف ليس إلا بالنظر الى حضوره في الذهن وعهديته فيه وهو مع ذلك لم يخرج من الدلالة على الأمر الكلي الشامل وما تحته من الأفراد المبهمة.
القول الثاني هو المشهور عند أهل البيان:
وهو يحصر معاني اللام في معنيين فقط –لا أربعة كما اشتهر عند النحاة-وهذا قول السكاكي والمختار عند السعد التفتازاني والسيد الجرجاني وغيرهم.
المعنى الاول: المفهوم من حيث هو هو باعتبارتعهده في الذهن.
المعنى الثاني: حصة معينة من الحقيقة معهودة بينك وبين مخاطبك ويقال له العهد الخارجي.
أما العهد الذهني والاستغراق فليس شيء منهما معنى مستقلا وأمرا مغايرا بالذات لمعنى المعرف بلام الجنس.
¥