تم استبعاد تابع "النعت" قبل ذلك، وهنا سيتم استبعاد تابع "العطف"؛ لأن "الفصل" يعني ترك عطف النسق بين الجمل المتتالية التي لا محل لها من الإعراب بالواو خاصة. إذن: سيبقى لنا: التوكيد بنوعيه، البدل بأنواعه المعتمدة في هذا المبحث، وعطف البيان. وستوضح هذه التوابع أسباب الفصل على النحو التالي:
سبب الفصل الأول- كمال الاتصال .. وتوابع التوكيد والبدل وعطف البيان
"كمال الاتصال" يعني اتحاد المعني والتوافق بين الجملتين من حيث الخبرية والإنشائية. واتحاد المعنى يتحقق من خلال التوابع الدالة على الارتباط الشديد بين المتبوع والتابع وهي تمثل ركائز كمال الاتصال على النحو التالي:
الركيزة الأولى – كمال الاتصال .. لعلاقة التوكيد
"التوكيد" هنا ليس كالتوكيد في "النحو" بصورة مطابقة بل يختلف اختلاف العلمين لكنه ينقسم إلى ذات القسمين المعروفين في النحو، وهما:
1 - التوكيد اللفظي
"التوكيد اللفظي" هنا يعني تكرار المعنى في الجملتين مع عدم الاتفاق اللفظي لهما؛ مثل قول الشاعر: [أصون عرضي لا أدنسه ... ]؛ فقد فصل الشاعر جملة (لا أدنسه) عن جملة (أصون عرضي) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية مقام التوكيد اللفظي للأولى. وقد يشتركان في الألفاظ؛ مثل [فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا]، حيث تم فصل جملة (إن مع العسر يسرا) عن جملة (فإن مع العسر يسرا) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع التوكيد اللفظي من الأولى.
2 - التوكيد المعنوي
التوكيد المعنوي هنا يتمثل جملتين مختلفتين لفظا ومعنى جزئيا لكنهما يؤكدان معنى واحدا عاما؛ مثل قول الشاعر:
[حكم المنية في البرية جار ما هذه الدنيا بدار قرار]؛ حيث فصل الشاعر جملة (ما هذه الدنيا ... ) عن جملة (حكم المنية ... ) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع التوكيد المعنوي للأولى.
الركيزة الثانية- كمال الاتصال .. لعلاقة البدلية
اتباعا لمن يسقطون البدل المطابق من هذا المبحث نقصر الحديث على النوعين الباقيين منه، وهما:
1 - بدل البعض
بدل البعض يتمثل في كون الجملة الثانية تعالج بعض الجملة الأولى؛ مثل [واتقوا الذي أمدكم بما تعملون. أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون]؛ حيث فصل جملة (أمدكم بأنعام ... ) عن جملة (واتقوا الذي ... ) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع بدل البعض من الأولى. ومثل قوله تعالى: [يدبر الأمر يفصل الآيات]؛ حيث فصل جملة (يفصل الآيات) عن جملة (يدبر الأمر) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع بدل البعض من الأولى.
2 - بدل الاشتمال
بدل الاشتمال يتمثل في كون الجملة الثانية أحد مستلزمات ومشتملات الجملة الأولى؛ مثل قوله تعالى: [قال يا قوم اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون]؛ حيث فصل جملة (اتبعوا من لا ... ) عن جملة (اتبعوا المرسلين) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع بدل الاشتمال من الأولى.
ومثل قول الشاعر:
[رويد بني شيبان بعض وعيدكم تلاقوا غدا خيلي على صفوان
تلاقوا جيادا لا تحيد عن الوغى إذا ما غدت في المأزق الداني]
حيث فصل جملة (تلاقوا جيادا ... ) عن جملة (تلاقوا غدا ... ) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع بدل الاشتمال من الأولى.
الركيزة الثالثة- كمال الاتصال .. لعلاقة عطف البيان
إذا كان في الجملة الأولى خفاء وإبهام وأزالت الجملة الثانية هذا الخفاء وأوضحت هذا الإبهام فإنها تكون عطف بيان للأولى؛ مثل قوله تعالى: [فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى]؛ حيث فصل جملة (قال يا آدم ... ) عن جملة (وسوس إليه الشيطان) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع عطف البيان من الأولى.
ومثل قول الشاعر:
[كفى زاجرا للمرء أيام دهره تروح له بالواعظات وتغتدي]؛ حيث فصل الشاعر جملة (تروح له ... ) عن جملة (كفى زاجرا ... ) لكمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع عطف البيان من الأولى.
سبب الفصل الثاني- شبه كمال الانقطاع .. وتابع العطف الغائب
¥