تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وهذا الحمل إما أن يكون مبنياً على علة أو غير مبني على علة، فإن لم يكن مبنياً على علة فهو ما يسمونه الشبه"، وهو أقرب أنواع القياس النحوي إلى القياس الاستعمالي، وإن لم يكن منه تماماً، ومثاله إعراب المضارع لشبهه باسم الفاعل أما إذا كان مبنياً على علة فإما أن تكون العلة مناسبة أو غير مناسبة، فإذا كانت العلة مناسبة سمي القياس " قياس العلة" ويلزم حينئذ أن يكون هناك أصل وفرع وعلة وحكم، فإذا كانت العلة غير مناسبة سمي " قياس الطرد" ومثال قياس العلة قياس رفع نائب الفاعل قياساً على الفاعل بعلة الإسناد في كل منهما، ومثال قياس الطرد أن " ليس " مبنية بسبب اطراد البناء في كل فعل غير متصرف، وكان الأفضل من هذه العلة أن يقال إنها مبنية لأن الأصل في الأفعال البناء فهذا يشكل علة مناسبة .. " (8) وفي الحقيقة هذا التقسيم السابق للقياس النحوي إنما هو تقسيم عقلي محض، وبخاصة إذا علمنا أن أركان القياس الأساسية موجودة في جميع هذه الأنواع وخاصة العلة التي بني على أساسها هذا التقسيم، فأركان القياس متوفرة في قياس الشبه وهي أربعة: أصل وفرع وحكم وعلة فالأصل هو اسم الفاعل، والمضارع هو الفرع، والحكم هو الإعراب، وشبه الفرع بالأصل هي العلة. أو ليست اللام في قول الباحث

" لشبهه باسم الفاعل " هي لام التعليل؟ والنوع الثالث وهو ما سماه ابن الأنباري " قياس الطرد " فتتوفر فيه الأركان الأربعة كذلك، وهي: أصل و فرع و حكم و علة.

• • •

أهمية القياس

تتعلق بهذه القضية مسألة بالغة الأهمية تتمثل في مدى قدرتنا على الرؤية الشاملة لفهم وتحديد أهمية القياس، أو بعبارة أخرى الأمر الذي تثيره هذه المسألة يتعلق بتساؤل نطرحه على عجل عما يمكن أن يقدمه القياس باعتباره أصلاً من الأصول النحوية التي حكمت فكر النحاة في وضع القواعد واستنباط الأحكام حتى نستطيع تفسير وفهم موقف النحاة القدماء والمحدثين على حد سواء من تلك القضية التي جذبت انتباه القدماء بحثاً وتأليفاً، وشغلت خلد المحدثين وتضاربت فيها الآراء.

بداية وقبل أن نشرع في تحديد موقف النحاة القدماء والمحدثين لابد أن نقرر حقيقة غاية في الأهمية مؤداها أن الأصول النحوية عامة والقياس خاصة كالشمعة المضيئة التي تأبى أن تذوب إلا بعد أن تؤدي رسالتها وتنشر نورها في الآفاق، وهذا ما تقتضيه الحقائق التي تنبئ عنها دون التجارب العابرة التي تذهب بذهاب الأيام، ومما يؤكد ذلك ويقويه محاكاتنا وسيرنا على درب النحاة القدماء، وتطبيق القواعد التي ارتضوها، واحتذاؤنا عين مثالهم، والسير على مناولهم، إيماناً منا بأنهم جهابذة ينأون عن الخطأ، لأنهم اتخذوا القرآن الكريم بقراءاته، والشعر في عصر الاستشهاد مداداً لا ينضب، ووقوداً لا ينفذ لقواعدهم، .. وكوننا نستعمل قواعدهم ونطبقها فهو القياس بعينه، وعلى ذلك يكون القياس من الحقائق المتعالية التي لا يكون العلم علماً إلا به، وناهيك عن كثير من الادعاءات والترهات التي تحكم عليه بالتجمد والقصور، وكأنه رجس من عمل الشيطان فمن يخوض فيه يتبوأ مقعده من النار.

وإنه لمن التفاهة أن تردد مثل هذه الادعاءات التي لا تسمن ولا تغنى من جوع، لأنها نظرة قاصرة تحول دون التأمل وإعمال الفكر وهي بعيدة كل البعد عن الواقع اللغوي الذي يشهد بأهمية القياس باعتباره معياراً من معايير القبول والرفض، والحكم على الظاهرة بالصواب أو الخطأ.

ومما لا يدع مجالاً للشك أن لكل علم فلسفة لا تأتي إلا بعد اكتمال العلم وكذلك لكل علم أصول ومقومات لا يقوم إلا بها، فهي قوامه وعماده، التي لا غنى عنها ولا يتأتى إلا بها، ولا يكون العلم علماً إلا بها، وليس أدل على ذلك من موقف الكسائي الذي لم يكن يرى النحو إلا قياساً لذلك يؤثر عنه.

إنما النحو قياس يتبع وبه في كل أمر ينتفع (9)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير