طبقات علوم الحديث (4\ 276). .
2 - أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، شيخ الإسلام (661 هـ - 728 هـ)، فقد لازمه ما يقرب من خمس سنين، وأحبه حبا عظيما، وكان يتردد إليه كثيرا، وقد أشار إلى ذلك فقال: " وكنت أتردد إليه عندما كان يدرس بالحنبلية، وبمدرسته بالقصاصين، وقرأت عليه قطعة من الأربعين للرازي، وشرحها لي، وكتب لي على بعضها شيئا "
العقود الدرية في مناقب ابن تيمية ص (326، 327).،
وقد خصه ابن عبد الهادي بترجمة واسعة أسماها " العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ".
تلاميذه:
وتتلمذ على ابن عبد الهادي عدد من التلاميذ منهم:
إسماعيل بن محمد بن يونس المقرئ (ت 764 هـ)،
علي بن أبي بكر بن أحمد بن البالسي المصري (767 هـ)،
أحمد بن يوسف بن مالك الغرناطي أبو جعفر الأندلسي (ت 779) وغيرهم.
وقد وفق ابن عبد الهادي لنخبة من الأقران شاركوه في التلقي ومدارسة العلم، منهم:
شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (673 هـ - 748 هـ)،
وشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي، ابن القيم (691 هـ 751 هـ)،
وصلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي العلائي (694 هـ - 761 هـ)،
وشمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح (ت 763 هـ)،
وعماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (700 هـ - 774 هـ).
وحظي ابن عبد الهادي بمنزلة علمية مرموقة ومكانة رفيعة أهلته لتولي التدريس في أكبر المدارس الموجودة آنذاك ببلاد الشام ومنها: المدرسة الصدرية، والمدرسة الضيائية ويقال لها: دار الحديث المحمدية، والمدرسة العمرية، وهي من أشهر المدارس في عصره.
وقد أثنى على ابن عبد الهادي عدد كبير من العلماء الذين عاصروه، والذين ترجموا له، وشهدوا له بسعة العلم وكثرة الاطلاع، والتفنن في العلوم، والتبحر في علم الرجال والعلل.
وقال ابن كثير: " الشيخ الإمام العالم العلامة الناقد البارع في فنون العلم، حصل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ الكبار، وتفنن في الحديث والنحو والتصريف والفقه والتفسير والأصلين والتاريخ. . . "
البداية والنهاية (18\ 466). .
وقال الذهبي: " الفقيه البارع المقرئ المجود المحدث الحافظ النحوي الحاذق صاحب الفنون، وعني بفنون الحديث ومعرفة الرجال. . . "
نقله ابن رافع في الوفيات (2\ 458) من المعجم الملخص للذهبي.،
وقال صلاح الدين الصفدي: " لو عاش كان آية، كنت إذا لقيته سألته عن مسائل أدبية وفوائد عربية، فينحدر كالسيل، وكنت أراه يوافق المزي في أسماء الرجال، ويرد عليه ويقبل منه ".
هذه مقتطفات من ثناء الأئمة على الحافظ ابن عبد الهادي، وهي تدل على علو شأنه، وعظيم مكانته، وسمو منزلته.
وخلف ابن عبد الهادي مؤلفات كثيرة تزيد على سبعين كتابا في كثير من العلوم والفنون، وهي ما بين أجزاء حديثية صغيرة، ومجلدات كبيرة، وبعضها لم يكمله؛ لهجوم المنية عليه في سن الأربعين، ومن أشهر مؤلفاته:
تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق، المحرر في أحاديث الأحكام، العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، شرح كتاب العلل لابن أبي حاتم الرازي.
واتفقت الروايات على أن وفاته كانت في يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى سنة 744 هـ، وذكر ابن كثير أنه مرض قريبا من ثلاثة أشهر، وقال: وأخبرني والده أن آخر كلامه أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين.
وأما كتابه " الصارم المنكي في الرد على السبكي "، ويسميه بعضهم: " الكلام على أحاديث الزيارة "، فقد رد فيه ابن عبد الهادي على كتاب أبي الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي (ت 756 هـ) المسمى: " شفاء السقام في زيارة خير الأنام "، أو " شن الغارة على من أنكر السفر للزيارة "، والذي رد فيه تقي الدين السبكي على شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الزيارة وشد الرحال وإعمال المطي لمجرد زيارة القبور.
وقد أبرز ابن عبد الهادي في مقدمة كتابه " الصارم المنكي " مجمل ملاحظاته وانتقاداته لكتاب تقي الدين السبكي، وهي تتلخص فيما يلي:
1 - تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة.
2 - تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة والآثار القوية المقبولة، وتحريفها عن مواضعها، وصرفها عن ظاهرها بالتأويلات المستنكرة المردودة.
3 - لم يكن المؤلف متجردا فيما كتب، بل اتبع هواه، وذهب في كثير مما قرره إلى الأقوال الشاذة والآراء الساقطة، وخرق الإجماع في مواضع لم يسبق إليها، ولم يوافقه أحد من الأئمة عليها.
وقد أخذ ابن عبد الهادي يرد على الكتاب بابا بابا، ويتكلم على الأحاديث التي استشهد بها السبكي ويبين عللها وضعفها، حتى وصل إلى الباب الخامس وهو في تقرير كون الزيارة قربة، فأدركته المنية قبل إكماله، وبقي في كتاب السبكي أبواب أخرى لم يرد عليها ابن عبد الهادي، منها: التوسل والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحياة الأنبياء في قبورهم، والشفاعة. . . .
وكتاب " الصارم المنكي " يشهد للحافظ ابن عبد الهادي بسعة الاطلاع، وغزارة العلم، ورسوخ القدم في علم الحديث والعلل، والقدرة على النقد، ودقة الملاحظة.
¥