[مسائل مصطلح الحديث من الصارم المنكي ... د. محمد القناص]
ـ[الرايه]ــــــــ[11 - 02 - 08, 12:56 م]ـ
مسائل مصطلح الحديث
لفضيلة الدكتور محمد بن عبد الله القناص
الأستاذ المساعد بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم
نشر البحث في مجلة البحوث الإسلامية
العدد الثامن والسبعون: من ربيع الأول إلى جمادى الآخرة 1427هـ
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الحافظ ابن عبد الهادي قد جادت قريحته، وسال قلمه في كتابه: " الصارم المنكي في الرد على السبكي "، فتناول مسائل عديدة في علوم الحديث، بسط القول فيها، وبذل جهدا كبيرا في تحريرها وتوضيحها، وقد من الله علي بقراءة الكتاب، وكان ذلك قبل بضع سنين، وكنت أسجل هذه المسائل والفوائد في طرة الكتاب، ثم رأيت أن ألم شعثها، وأضم متفرقها، وأستكمل دراستها في بحث مستقل، وذلك لسببين:
1 - أن هذه المسائل متناثرة في ثنايا الكتاب، متفرقة في تضاعيفه، مما قلل الاستفادة منها والوقوف عليها، وجمعها في بحث واحد يسهل الرجوع إليها والاستفادة منها، والاطلاع على اختيارات الحافظ ابن عبد الهادي في قضايا عديدة من قضايا علوم الحديث.
2 - أهمية القضايا التي تطرق إليها الحافظ ابن عبد الهادي في كتابه " الصارم المنكي في الرد على السبكي "، فهي قضايا جوهرية يحسن إبرازها وإظهارها، لا سيما والساحة العلمية تشهد إقبالا على هذا العلم الشريف، ورغبة في فهم قواعده وأصوله، وهذا النهضة العلمية في حاجة إلى تسديد مسيرتها وترشيد خطواتها، وآراء الحافظ ابن عبد الهادي واختياراته تسهم في تحرير العديد من مسائل هذا العلم، فهو من الأئمة الذين رسخوا في هذا الفن، وجمعوا بين الإلمام بقواعده وأصوله، والممارسة العملية التطبيقية، مما يجعل آراءه مسددة واختياراته موفقة.
وخصصت هذا البحث في مسائل مصطلح الحديث، وسوف أفرد قضايا مناهج المحدثين في بحث آخر، وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة.
المقدمة: وفيها بيان أهمية الموضوع، وسبب اختياره.
التمهيد: وفيه تعريف موجز بالحافظ ابن عبد الهادي وكتابه: " الصارم المنكي في الرد على السبكي ".
المبحث الأول: التفرد.
المبحث الثاني: حكم المرسل والاحتجاج به.
المبحث الثالث: تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد.
المبحث الرابع: قاعدة: فلان لا يروي إلا عن ثقة غالبية.
الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج التي توصلت إليها.
وأرجو أن أكون قد وفقت من خلال هذا البحث المتواضع في إبراز اختيارات وآراء الحافظ ابن عبد الهادي في العديد من قضايا علوم الحديث، إلى جانب استكمالها وتوضيحها، وأسأل الله أن يجعل فيما قدمت نفعا، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون، والحمد لله أولا وأخيرا، صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
تمهيد:
تعريف موجز بالحافظ ابن عبد الهادي، وكتابه " الصارم المنكي في الرد على السبكي ":
ابن عبد الهادي: هو محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة بن مقدام المقدسي، الجماعيلي الأصل ثم الصالحي، الحنبلي، أبو عبد الله، شمس الدين، يقال له: " ابن عبد الهادي " نسبة إلى جده.
ولد سنة (705 هـ) بصالحية دمشق في جبل قاسيون على الراجح من أقوال العلماء، ونشأ في بيت علم وأدب، فكان أبوه وعمه وأجداده وإخوته من أهل العلم والفضل، فنشأ محبا للعلم مولعا به، وصرف إليه جل عنايته واهتمامه، وقد تلقى ابن عبد الهادي العلم عن أعلام من شيوخ عصره مما كان له الأثر الواضح في تكوين شخصيته العلمية إلى جانب ما أوتي من قوة الحفظ وحدة الذكاء والرغبة في التحصيل، حتى أصبح عالما بارعا، ومحدثا ناقدا، ومن العلماء الذين أخذ عنهم وتأثر بهم:
1 - أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (654 هـ - 742 هـ)، فقد لازمه نحوا من عشر سنين، وقرأ عليه كتابه " تهذيب الكمال "، وتخرج على يديه في علم الرجال والعلل حتى صار إماما فيه، وظل يعترف بفضل شيخه عليه، وقد أشار ابن عبد الهادي إلى ذلك بقوله: " وهو شيخي الذي انتفعت به كثيرا في هذا العلم "
¥