[حديث نهي المضحي عن الأخذ من شعره وبشره وظفره]
ـ[أبوعبدالله عمر صبحي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:39 ص]ـ
ملاحظة: هذا البحث أقدمه لإخواني - مع شيء من التأخر في تنزيله فأرجو المعذرة -، وقد كنت كتبته منذ سنتين، وهو عبارة عن نقولات لأئمة الإسلام من الفقهاء والمحدثين حول حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها في نهي المضحي من الأخذ من شعره وبشره وظفره شيئاً إذا دخل هلال ذي الحجة، وقد كان يرد علي في هذا الحديث بعض استفسارات، فجمعت كلام الأئمة في ملف وورد ثم قمت بقراءتها والتعليق عليه بما يتيسر.
وأنا أضع بين يدي إخواني خلاصة لأهم النتائج التي توصلت لها من خلال هذه النقولات والتعليق عليها.
وأما البحث فلا أحسن تنزيله على الشبكة لأنه على صورة حواشي، ولكن أضع البحث كملف مرفق بصورة وورد لمن أحب تنزيله ...... وأسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد ولزوم الطاعة.
خلاصة البحث وأهم النتائج:
1 - قد وقع الخلاف في حديث أم سلمة رضي الله عنها، وهل الأصح في حديثها هذا الرفع أم الوقف؟ والصواب أن الأصح في حديثها هو الوقف كما رجحه الطحاوي والدارقطني، وخلاصته أنه حديث يرويه سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف كلاهما عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، ورواه عن سعيد بن المسيب جماعة منهم: قتادة وعثمان الأحلافي وعبدالرحمن بن حرملة وعبدالرحمن بن حميد وعمرو بن مسلم والزهري، فأما قتادة فجعله من رواية ابن المسيب عن الصحابة رضي الله نهم موقوفاً عليهم، وأما الأحلافي وعبدالرحمن بن حرملة فجعلاه من قول ابن المسيب وفتياه، وأما عبدالرحمن بن حميد فاختلف عليه في الرفع والوقف؛ والوقف أصح ولم يرفعه عنه غير ابن عيينة، وأما عمرو بن مسلم فرواه عنه ثلاثة من الثقات أثبتهم بلا نزاع مالك إمام دار الهجرة واختُلِفَ عليه في الرفع والوقف اختلافاً ظاهراً، وكلاهما وجهٌ قويٌ عنه ولكن يترجح الوقف بأنَّ مالكاً رحمه الله بل وسائر أهل المدينة لم يروا العمل بهذا الحديث كما ذكره عنهم ابن عبدالبر في التمهيد، وعلى التسليم بأن رواية عمرو بن مسلم محفوظة على الرفع فمخالفة قتادة والأحلافي وعبدالرحمن بن حميد وروايتهم الخبر على الوقف أو الإرسال توهن رواية الرفع، وأما حديث الزهري فيُروى مرفوعاً وهو منكرٌ ظاهر النكارة غير محفوظ عن الزهري والعهدة من تلميذه أو تلميذ تلميذه، ولم أذكره إلا لأنبه عليه، ثم لا ننس بعض الروايات التي ذكرها الدارقطني في العلل ونقلها ابن القيم في حاشية السنن -وتقدم- والتي تقوي الوقف، وأهمها رواية أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف عن أم سلمة موقوفاً عليها عند الحاكم بسند صحيح.
2 - قد بالغ الإمام ابن عبدالبر رحمه فرأى أن الخبر لا يصح مطلقاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام، وأنه إن صحَّ فإنما يصح عن التابعين، والصواب أن هذا الخبر محفوظ عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وكذا عن جمع من الصحابة أبهم ذكرهم ابن المسيب كما عند مسدد في مسنده، ولذا ذكر ابن حزم أن الفتيا بهذا الخبر إجماع من الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا الخبر صحيح عن بعض التابعين أيضاً كابن المسيب وابن سيرين ويحيى بن يعمر وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري، وينظر آثارهم بأسانيد صحيحة في المصنف لابن أبي شيبة (4/ 434) وغيره وخالفهم آخرون من التابعين كعطاء بن يسار وجماعة.
3 - طالما قد صح هذا الخبر عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم ولا يُعلم لهم مخالف، فقولهم حجة وعلى هذا فمن دخل عليه هلال ذي الحجة فإنه يمسك من شعره وبشره وظفره فلا يأخذ منه شيء، ولكن أمرهم بالإمساك إنما هو أمر إرشاد وفضيلة لهذا المضحي ليحصل له كمال الفداء، وليس هو أمر تحتم وإيجاب لخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في فتلها قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تلحظ شيئاً من إمساكه عما يمسك عنه المحرم، ثم باعث الهدي أولى بالإمساك كما قال الشافعي:"البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية"، لأن من يبعث الهدي اجتمع فيه أمران يقويان إمساكه عن الشعر والظفر، وهما:1 - مشابهة المحرم 2 - حصول الافتداء، وعلى هذا فمن أخذ من شعره وظفره ممن أراد الأضحية فلا فدية عليه من باب أولى وهو محل إجماع.
4 - هذا الإمساك عن الشعر والظفر والبشرة لا يتعلق بعامة المكلفين ولا بكل وقت، وإنما هو يبتديء بدخول هلال ذي الحجة على كل من له إرادة وعزم ظاهر على الأضحية مع القدرة على ذلك؛ وسواء في هذا من دخل عليه الشهر وهو مالك للأضحية أو غير متملك لها بعدُ.
5 - هذا الإمساك عن الشعر والظفر والبشرة إنما يتناول من أراد أن يضحي وهو كذلك متناول لأهل بيته الذين أشركهم في ثواب أضحيته لأن المعنى من الإمساك ظاهر في حقهم ولأثر ابن سيرين الصحيح المتقدم عند مسدد في مسنده، ولكنه متأكد في حق المضحي أكثر من غيره لظاهر آثار الصحابة رضي الله عنهم، وقصده من ثواب الأضحية والإمساك أعظم من غيره.
والحمد لله رب العالمين [/ SIZE]