تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و وجود الرواية عن الضعفاء عند مَنْ ثبت في حقه بتصريحه أو نص الأئمة أنه لا يروي إلا عن ثقة يرجع إلى أسباب منها:

1 - أن يكون روى عنه لأنه ثقة عنده، أو لعدم ظهور ضعفه لديه.

وقد تقدم توثيق الإمام أحمد لبعض الرواة الذين روى عنهم وضعفهم غيره من الأئمة مثل: عامر بن صالح الزبيري، تليد بن سليمان، محمد بن ميسر.

قال الذهبي - رحمه الله - في ترجمة " قيس بن الربيع الأسدي الكوفي ": " أحد أوعية العلم على ضعف فيه من قبل حفظه " ثم قال: " حدث عنه رفيقاه شعبة والثوري " ثم قال: " وكان شعبة يثني عليه "، وقال: " أحد الأعلام على لين في روايته، ثم قال: كان شعبة مع نقده للرجال يثني على قيس "

سير أعلام النبلاء 8\ 41

وقال في ترجمة " عبد الله بن أحمد بن موسى الجواليقي المعروف بعبدان " (ت 306هـ)

بعد أن ساق حديثا بسنده من طريق أبي المهزم يزيد بن سفيان التميمي البصري، قال:

" وأبو المهزم يزيد بن سفيان متفق على ضعفه، والعجب أن شعبة يروي عنه ما أظنه تبين له حاله، والله أعلم "

سير أعلام النبلاء 14\ 172، 173

2 - أن يكون روى عن رجل ضعيف؛ لأنه ما خبر حاله جيدا.

مثل رواية مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق، قال القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي ت 282 هـ: " إنما يعتبر بمالك في أهل بلده، فأما الغرباء فليس يحتج به فيهم، وبنحو هذا اعتذر غير واحد عن مالك في روايته عن عبد الكريم أبي أمية وغيره من الغرباء "

شرح علل الترمذي 1\ 85

3 - أن يكون روى عن راو ضعيف عنده ليعتبر به، أو يستشهد براويته أو لأمر آخر.

وقد سبق قول ابن عبد الهادي: " وقد يروي الإمام أحمد قليلا في بعض الأحيان عن جماعة نسبوا إلى الضعف وقلة الضبط، وذلك على وجه الاعتبار والاستشهاد لا على طريق الاجتهاد والاعتماد "

الصارم المنكي ص 40، 41

وقال العلامة المعلمي - تعليقا على تقييد الحافظ السخاوي المسألة بقوله: " إلا في النادر " - وقوله: " إلا في النادر " لا يضرنا، إنما احترز بها لأن بعض أولئك المحتاطين قد يخطئ في التوثيق، فيروي عمن يراه ثقة وهو غير ثقة، وقد يضطر إلى حكاية شيء عمن ليس بثقة، فيحكيه ويبين أنه ليس بثقة، والحكم فيمن روى عنه أحد هؤلاء المحتاطين أن يبحث عنه، فإن وجد أن الذي روى عنه قد جرحه، تبين أن روايته عنه كانت على وجه الحكاية، فلا تكون توثيقا، وإن وجد أن غيره قد جرحه جرحا أقوى مما تقتضيه روايته عنه ترجح الجرح، وإلا فظاهر روايته عنه التوثيق "

التنكيل 1\ 429

ومن خلال ما سبق يتضح أن الأئمة الذين عرف عنهم أنهم لا يروون إلا عن ثقات وجد روايتهم عن بعض الضعفاء، وعلى هذا فيقال: إن روايتهم عن الثقات هي الغالب كما وضح هذا الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله، والله أعلم.

ـ[الرايه]ــــــــ[11 - 02 - 08, 02:26 م]ـ

خاتمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وآله وصحبه أجمعين، وبعد:

1 - تضمن هذا البحث كلام الحافظ ابن عبد الهادي عن أربع مسائل مهمة من مسائل مصطلح الحديث وهي: التفرد، حكم المرسل والاحتجاج به، تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد، قاعدة فلان لا يروي إلا عن ثقة.

2 - تحدث الحافظ ابن عبد الهادي عن التفرد، وبين أن الأئمة النقاد يستنكرون ما يتفرد به الثقات، وقد استكملت الكلام في هذه المسألة، ووضحت الحالات التي يتأكد فيها إعلال الحديث بالتفرد.

3 - عرض الحافظ ابن عبد الهادي لبيان حكم الاحتجاج بالمرسل، وقد توسع في ذكر كلام الأئمة في المراسيل، وبين أن المراسيل ليست على درجة واحدة بل تتفاوت، وذكر كلام الإمام الشافعي المتضمن للتفضيل في قبول المرسل، ومال إلى الأخذ بالقول أن المرسل إذا عرف من عادته أنه لا يرسل إلا عن ثقة، فمرسله مقبول، ومن لم يكن من عادته ذلك فلا يقبل مرسله، وقد ناقشت هذا القول وبينت أن الراجح في قبول المرسل أنه بحسب الاعتضاد.

4 - تكلم الحافظ ابن عبد الهادي عن تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد، وذكر أن العبرة ليست بكثرة الطرق وتعددها، ولكن العبرة بثبوتها وصحتها وسلامتها من النكارة والعلل القادحة، وقد استكملت الكلام في هذه المسألة، وبينت أقول الأئمة في ضوابط تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد.

5 - تحدث الحافظ ابن عبد الهادي عن بعض الأئمة الذين قيل عنهم إنهم لا يروون إلا عن ثقة مثل: الإمام أحمد وشعبة، وبين أن روايتهم عن الثقات هي الغالب عنهم، ويوجد روايتهم عمن نسب إلى ضعف، وضرب أمثلة تدل على ما ذهب إليه، وقد استكملت الكلام في هذه المسألة، ووضحت الأسباب في وجود الرواية عن الضعفاء عند من ثبت في حقه أنه لا يروي إلا عن ثقة.

هذا وأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بهذا الجهد، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأستغفر الله العظيم من كل ذنب وخطيئة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير