5) وخامس قد ألصق نفسه بهم ودلس بينهم ممن ليس من أهل الصدق والأمانة ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولى المعرفة منهم الكذب فهذا يترك حديثه ويطرح روايته [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn14).
الصدوق عند الإمام ابن الصلاح.
اللفظ المستعملة من أهل هذا الشأن في الجرح والتعديل. وقد رتبها أبو محمد عبد الرحمن أبو حاتم الرازي في كتابة في الجرح والتعديل فأجاد أحسن. ونحن نرتبها كذلك، و نود ما ذكرناه، نضيف إليه ما بلغنا في ذلك عن غيره شاء الله تعالى.
أما ألفاظ التعديل فعلى المراتب
لأولى: قال ابن أبي حاتم: إذا قيل للواحد إنه " ثقة، أو: متقن " فهو ممن يحتج بحديثه.
قلت: وكذا إذا قيل " ثبت: أو: حجة ". وكذا إذا قيل في العدل أنه " حافظ، أو: ضابط. والله أعلم.
الثانية: قال ابن أبي حاتم: إذا قيل إنه " صدوق، أو: محله الصدق، أو: لا بأس به "، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية.
قلت: هذا كما قال، لأن هذه العبارات لا تشعر بشريطه الضبط، فينظر في حديثه ويختبر، حتى يعرف ضبطه. وقد تقدم بيان طريقه في أول هذا النوع. وإن لم يستوف النظر المعرف لكون ذلك المحدث في نفسه ضابطا مطلقأ، واحتجنا إلى حديث من حديثه، اعتبرنا ذلك الحديث، ونظرنا: هل له أصل من رواية غيره، كما تقدم بيان طريق الاعتبار في النوع الخامس عشر.
ومشهور عن عبد الرحمن بن مهدي القدوة في هذا الشأن أنه حدث، فقال: حدثنا أبو خلدة، فقيل له: أكان ثقة؟، فقال: كان صدوقا، وكان مأمونا، وكان خيرا - وفي رواية: وكان خيارا - الثقة شعبة وسفيان.
ثم أن ذلك مخالف لما ورد عن ابن أبي شيبه، قال: قلت ليحيى بن معين: إنك تقول: فلان ليس به بأس، وفلان ضعيف؟، قال: إذا قالت لك: ليس به بأس فهو ثقة، وإذا قلت لك: هو ضعيف فليس هو بثقة، لا تكتب حديثه.
قلت: ليس في هذا حكاية عن غيره أهل الحديث، فإنه نسبه إلى نفسه خاصة، بخاف ما ذكره ابن أبي حاتم، والله أعلم [15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn15).
وقد تابع ابن الصلاح فيما ذهب إليه طائفة من الأئمة الحفاظ المصنفين في علوم الحديث مثل النووي وزين الدين العراقي والسخاوي والسيوطي.
رواية الصدوق المبتدع
المتقدمون قد فرقوا بين البدعة الخفيفة والبدعة الغليظة. فالبدعة الخفيفة (كالإرجاء والخروج) هناك نزاع في قبول رواية أصحابها من الدعاة. والبدعة المتوسطة (النصب والتشيع والقدر) يُقبل من غير الداعية وتُرَدّ رواية الداعية. والبدعة الغليظة (الرفض والتجهّم والاعتزال) تُرَدُّ رواية أصحابها.
تقبل رواية الصدوق المبتدع إن لم يكن داعياً إلى بدعته
قال ابن حبان: «ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلافٌ أن الصدوق المتقن: إذا كان فيه بدعة -ولم يكن يدعو إليها- أن الاحتجاج بأخباره جائز. فإذا دعا إلى بدعته، سقط الاحتجاج بأخباره» [16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn16).
وقد نصّ الإمام الجوزجاني على هذا المنهج بنفسه، فقال: «ومنهم زائِغٌ عن الحقّ، صدوق اللهجة، قد جرى في الناس حديثه: إذ كان مخذولاً في بدعته، مأموناً في روايته، فهؤلاء عندي ليس فيهم حيلة إلا أن يؤخذ من حديثهم ما يُعرَف، إذا لم يُقَوِّ به بدعته، فيُتَّهم عند ذلك» [17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn17).
وهذا المذهب هو ما عليه جمهور المحدثين من أهل السنة والجماعة. وقد نقل ابن حجر هذه العبارة مُقِراً لها في لسان الميزان وأضاف قالاً: «وينبغي أن يُقيَّدَ قولنا بقبول رواية المبتدع –إذا كان صدوقاً ولم يكن داعية– بشرط أن لا يكون الحديث الذي يُحدِّث به مما يعضُد بدعته ويُشيْدها. فإنا لا نأمَنُ حينئذٍ عليه غَلَبَةَ الهوى» [18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn18).
رواية الصدوق المغالي في التشيع
¥