تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، وهي التسوية، وقد تبين في كتاب " المراسيل " في نفس الإسناد أنَّه شقيق أبو الليث، فاعلم ذلك)).

وأما قول الحازميِّ: ((رواية من أرسل أصح)) فهذا الكلام مدفوع بما قدمناه من حال شريك المُوصِل، وحال شقيق المرسِل، فكيف تقدم رواية راوٍ مجهول العين على راوٍ شهد له أهل العلم بكثرة الطلب، والسعي فيه، ولم ينكر عليه إلا سوء حفظه؟ فلا شك في رجحان رواية شريك، والله أعلم.

وقد روي هذا الحديث عن همام من طريق آخر.

فأخرجه: أبو داود (736) و (839)، والطبراني في " الكبير " 22/ (60)، والبيهقيُّ 2/ 99 من طريق همام، عن محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا دخلَ الصلاةَ رفعَ يديهِ وكبّر، ثُمَّ التحفَ بثوبه ثُمَّ وضع يده اليُمنى على اليسرى، فلما أرادَ أنْ يركعَ، قال هكذا بثوبه، وأخرجَ يديهِ، ثُمَّ رفعهما وكبّرَ، وركعَ، فلما أرادَ أنْ يسجدَ وقعتْ ركبتاهُ على الأرضِ قبل كفّيه، فلما سجدَ وضعَ جبهتهُ بينَ كفّيهِ وجافى بين إبطيهِ.

هذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه، فعبد الجبارلم يسمع من أبيه، فقد نقل الترمذيُّ في "العلل الكبير": 619 (250) عن البخاريِّ أنَّه قال: ((وعبد الجبارلم يسمع من أبيه، وُلد بعد موت أبيه)).

وانظر: " تحفة الأشراف " 8/ 329 (11762).

إلا أنَّ هذا الحديث روي بإسناد متصل، ولكنَّه لا يصح.

فأخرجه: البيهقيُّ 2/ 99 من طريق سعيد بن عبد الجبار، عن عبد الجبار بن وائل، عن أمه، عن وائل بن حجر، قال: صليت خلفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ سجدَ وكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه.

وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف سعيد بن عبد الجبار، فقد قال فيه البخاريُّ في " التاريخ الكبير " 3/ 405 (1651): ((فيه نظر))، وقال النَّسائيُّ في " الضعفاء والمتروكون " (265): ((ليس بالقويِّ))، وقال ابن عدي في " الكامل " 4/ 438: ((وليس لسعيد ابن عبد الجبار كثير حديث، إنَّما له عن أبيه، عن جده أحاديث يسيرة نحو الخمسة أو الستة))، وخالف الجميع ابن حبان فذكره في " الثقات " 6/ 350.

وهذا الإسناد أشد ما يقال فيه لين، لحال سعيد، فإنْ قيل:بل هو شديد الضعف لأنَّ البخاريَّ لا يطلق وصف " فيه نظر " إلا عندما يكون الراوي متهماً، بدليل ما قاله الذهبي في " الميزان " 2/ 416: ((ولا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالباً) وقال في 3/ 52: ((وقلّ أنْ يكون عند البخاريِّ رجل فيه نظر إلا وهو متهم)) فنقول: الناظر في كلام الإمام الذهبي سيجد قوله: ((قلّ)) أو: ((غالباً)) أنَّ هناك أفراداً لا ينطبق عليهم هذا الوصف، فقد أطلق البخاريُّ رحمه الله هذا الوصف على جملة من الرواة الذين اتهموا بوضع الحديث كـ: (عثمان بن فائد)، وقالها أيضاً في بعض الرواة الذين يعتبر بهم كـ: (علي بن مسعدة) و (حيي بن عبد الله المعافري). والناظر في حال سعيد سيجد أنَّه لم يجرح بما يخل في عدالته، ولم يقدح به ذلك القدح السمين، فيكون عدادُ سعيد بعلي ومسعدة وطبقته.

ومما تقدم يتبين أنَّ حديث وائل بن حجر يروى من أربعة طرق لا يخلو كل منها من مقال، ولكن بجمع بعضها إلى بعض ينتقل الحديث من ضعيف إلى حسن لغيره، وهذه القرينة الأولى القوية في ترجيح حديث وائل على حديث أبي هريرة رضي الله عنهما الذي عانى الغرابة في إسناده، وقد تقدم بيان أنَّ طريق الدراورديِّ منقوض بطريق عبد الله بن نافع، فإذا قدم إسناد الدراوردي على إسناد شريك، قدم حديث وائل؛ لأنَّه يروى من أربعة طرق يعضد بعضها بعضاً.

وأما القرينة الثانية: فإنَّ متن حديث أبي هريرة قد اختلف على الرواة بثلاث صور لا يمكن الجمع بينها، في حين أنَّ حديث وائل لم ينقل عنه غير صورة واحدة، وهذا دليل ثبوته.

كما أنَّ لحديث وائل شواهد، إلا أنَّها لا تصح.

فأخرج: ابن أبي شيبة (2714)، وأبو يعلى (6540)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 254 و في ط. العلمية (1480)، والبيهقيُّ 2/ 100 من طريق محمد بن فضيل، عن عبد الله بن سعيد – وهو سعيد بن أبي سعيد المقبري – عن جده، عن أبي هريرة يرفعه: ((إذا سجدَ أحدُكم فليبتدئ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير