تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد كانت الكتب قبله ممزوجًا فيها الصحيح بغيره، وكانت الآثار في عصر الصحابة وكبار التابعين غير مدونة؛ لسعة حفظهم، ولأنهم كانوا نُهوا أولاً عن كتابتها – كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري – مخافة اختلاطها بالقرآن، فلما انتشر العلماء في الأمصار وكثر الابتداع من الخوارج والروافض دُونت ممزوجة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، فأول من جمع ذلك: الربيع بن صُبيح وسعيد بن أبي عروبة، وكانا يصنفان كل بابٍ على حدةٍ، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة، فألف مالك بن أنس بالمدينة الموطأ، وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين.

وألف محمد بن إسحاق أيضًا بها المغازي

وعبد الملك بن يونس بن جريج بمكة، والثوري بالكوفة، والأوزاعي بالشام، ومعمر بن راشد باليمن، وعبد الله بن المبارك بخراسان، وهشيم بن بشير أبو معاوية بواسط، وجرير بن عبد الحميد بالري. وكان هؤلاء في عصرٍ واحدٍ، فلا يُدرى أيهم سبق، وقد صنف ابن أبي ذئب موطأً أكبر من موطأ مالك، حتى قيل لمالك: ما الفائدة في تصنيفك؟. فقال: ما كان لله بقى.

قال الحافظ ابن حجر: هذا بالنسبة إلى الجمع بالأبواب، أما جمع حديثٍ إلى مثله في باب واحدٍ فقد سبق إليه الشعبي فروي عنه أنه قال: هذا بابٌ من الطلاق جسيمٌ.

فلما كان على راس المائة الثالثة رأى بعض الأئمة أن تفرغ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فصنف مسدد بن مسرهد البصري، وعبيد الله بن موسى العبسي الكوفي، وأسد بن موسى الأموي، ونعيم بن حماد الخزاعي المصري مسانيد، واقتفى الحفاظُ آثارهم، فقل حافظٌ إلا وصنف حديثه على المسانيد؛ كأحمد وإسحاق وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم.

قال السيوطي في التدريب – تبعًا للحافظ ابن حجر في فتح الباري -: وأما ابتداء تدوين الحديث فإنه وقع على رأس المائة في خلافة عمر بن عبد العزيز بأمره، ففي أبواب العلم من صحيح البخاري: وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم – نائبه في الإمرة والقضاء على المدينة، وهو شيخ مالك ومعمر والليث والأوزاعي وابن أبي ذئب وابن إسحاق المتوفى سنة عشرين ومائة. قال مالك: لم يكن أحدٌ بالمدينة عنده من علم القضاء ما كان عند أبي بكر بن حزم – انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم /9/ فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولتفشوا العلم حتى يُعلَّم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا. اهـ.

وأخرجه ابو نعيم في تاريخ أصبهان بلفظ: كتب عمر بن عبد العزيز على الأفاق: انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه.

قال الحافظ فيستفاد من هذا ابتداء تدوين الحديث النبوي.

ثم إن أول من كتب منه شيئًا بأمره ابنُ شهاب الزهري، ثم كثُر التدوين ثم التصنيف، وحصل بذلك خيرٌ كثير، فلله الحمد وله المنة. [وخص] كتابه [بالترجيح] على سائر الكتب المؤلفة في الحديث. [و] الإمام أبو الحسين [مسلم] بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رضي الله تعالى عنه وجزاه عن الإسلام وأهله خيرًا [بعدُ] أي بعد البخاري في تصنيف الصحيح وفي الصحة [وبعض الغرب مع] الحافظ [أبي عليٍ] الحسين بن علي النيسابوري شيخ الحاك [فضلوا ذا] أي صحيح مسلم على صحيح البخاري، فقد قال أبو علي: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم. وحكى عن من لم يسمه من شيوخ أبي مروان الطبني - بضم الطاء وسكون الموحدة، مدينة من عمل إفريقية – مما وُجدَ التصريحُ به عن ابن حزم منهم، أنه كان يفضل كتاب مسلم على كتاب البخاري. وقال مسلمة بن قسام – من أقران الدارقطني -: لم يضع أحدث مثل صحيح مسلم. [لو نفع] تفضيلهم له عليه، لكن لم ينفع، بل حكم الجمهور بأن كتاب البخاري أصح. قال الناظم: وهو الصحيح. وقال النووي: وهو الصواب. وقال النسائي: ما في هذه الكتب كتاب أجود من كتاب محمد بن إسماعيل.

قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر لي من كلام أبي علي أنه قدم صحيح مسلم لمعنى آخر غير ما يرجع إلى ما نحن بصدده من الشرائط المطلوبة في الصحة، بل لان مسلمًا صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرَّ في الألفاظ، ويتحرى في السياق، بخلاف البخاري فربما كتب الحديث من حفظه، ولهذا ربما يعرض له الشك، وقد صحَّ عنه أنه قال: رب بحديٍ سمعته بالبصرة كتبته بالشام. ولم يتحرَّ مسلمٌ لما تحرَّى له البخاري من استنباط الأحكام وتقطيع الأحاديث، ولم يخرج الموقوفات. اهـ /10/

هذا نهاية ما جاء من المخطوط

ويتبع إن شاء الله بتتابع ما يرد علينا.

ـ[وليد الخولي]ــــــــ[17 - 01 - 08, 12:22 ص]ـ

قال: رب بحديٍ سمعته بالبصرة كتبته بالشام.

الصواب: بحديثٍ

ـ[وليد الخولي]ــــــــ[17 - 01 - 08, 12:55 ص]ـ

أنا أنهيت من الورقة السابعة حتى العاشرة.

وحقيقةً القراءة في الخط المغربي ماتعةٌ جدًا، ما شاء الله بارك الله

وجزاه الله خيرًا من قدم لنا هذه الهدية.

وإن سمحتمولي ممكن أن أوافيكم بها تباعًا

والأمر إليكم فانظروا ماذا تأمرون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير