تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثامنها: أن يحذر المسلم من هجران القرآن، يقول الله تعالى: ? وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ? [سورة الفرقان الآية 30].

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أنواعا لهجر القرآن منها:

(هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.

والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.

والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.

والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.

والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله: ? وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ? [سورة الفرقان الآية 30] وإن كان بعض الهجر أهون من بعض). انتهى المقصود من كلامه رحمه الله [الفوائد ص82].

هذا ويشرع لقارئ القرآن آداب وأمور يمتثلها وهي:

أولا: أن يكون حال قراءته كتاب الله على أكمل حال، متطهرا متنظفا احتراما لهذا الكتاب العزيز، والتطهر حال القراءة مستحب، ولا بأس بقراءة القرآن للمحدث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام مرة من نومه فغسل وجهه وتلا عشر آيات من آخر آل عمران ولم يتوضأ، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في قوم وهم يقرءون القرآن فذهب لحاجته، ثم رجع وهو يقرأ القرآن، فقال له رجل: (يا أمير المؤمنين أتقرأ القرآن ولست على وضوء؟ فقال له عمر: من أفتاك بهذا؟ أمسيلمة؟!) أخرجه مالك في موطئه،

قال ابن عبد البر: (وفي هذا الحديث جواز قراءة القرآن طاهرا في غير المصحف لمن ليس على وضوء إن لم يكن جنبا، وعلى هذا جماعة أهل العلم لا يختلفون فيه إلا من شذ عن جماعتهم ممن هو محجوج بهم، وحسبك بعمر في جماعة الصحابة وهم السلف الصالح). ا هـ[الاستذكار 8/ 14].

وقد نقل الإجماع على جواز قراءة المحدث للقرآن النووي وابن تيمية رحمهما الله.

أما الجنب فإنه لا يقرأ القرآن حتى يغتسل؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحجبه عن القرآن شيء إلا الجنابة)). وأحاديث هذا الباب يشد بعضها بعضا، وبهذا قال أكثر الفقهاء حتى إن ابن عبد البر رحمه الله قال: " وقد شذ داود عن الجماعة بإجازة قراءة القرآن للجنب " ا هـ.

أما الحائض فالصحيح أنه يجوز لها قراءة القرآن حال حيضها؛ لأنه لم يثبت في منعها من قراءته حال حيضها حديث،

وأما قياسها على الجنب فلا يصح؛ لأن حدث الحائض يطول في الغالب ويخشى من نسيانها القرآن، أما حدث الجنب فلا يطول ومتى شاء رفعه بالاغتسال.

أما مس المصحف فالصحيح أنه لا يمسه إلا طاهر من الحدثين الأكبر والأصغر؛ لقوله تعالى: ? لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ? [سورة الواقعة الآية 79]، ولأن في كتاب عمرو بن حزم: "وأن لا يمس القرآن إلا طاهر" قال ابن عبد البر رحمه الله: "وكتاب عمرو بن حزم هذا قد تلقاه العلماء بالقبول والعمل وهو عندهم أشهر وأظهر من الإسناد الواحد المتصل" ثم قال: "وأجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأن المصحف لا يمسه إلا طائر" ا هـ[الاستذكار 8/ 10].

الثاني: إذا أراد الشروع في القراءة استحب له أن يستعيذ؛ لقوله تعالى: ? فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ? [سورة النحل الآية 98]، وصفتها أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وكان بعض السلف يقول: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم). وكلاهما صحيح.

الثالث: ينبغي للقارئ أن يبسمل في بداية كل سورة ما عدا براءة؛ لأن الصحيح أن البسملة آية من القرآن جيء بها

للفصل بين السور، وقد أثبتها الصحابة رضي الله عنهم في المصاحف في أوائل السور ما عدا براءة.

الرابع: ينبغي لقارئ القرآن أن يترسل في قراءته ويرتلها ويتدبره وألا يهذها هذا، يقول الله سبحانه وتعالى: ? وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ? [سورة الإسراء الآية 106].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير