[جواب الشرق الوافي على لغز الغرب الخافي]
ـ[محمد بن صابر عمران]ــــــــ[02 - 02 - 08, 04:27 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد:
فهذا هو لغز الإمام المقرئ: أبي الحسن: علي بن عبد الغني الحصري (ت: 488 هجريًا):
1 - سَأَلْتُكُمُ يَا مُقْرِئِي الْغَرْبِ كُلِّهِ
.................... وَمَا لِسُؤَالِ الْحَبْرِ عَنْ عِلْمِهِ بُدُّ
2 - بِحَرْفَينِ مَدُّوا ذَا، وَمَا الْمَدُّ أَصْلَه
................. وَذَا لَمْ يَمُدُّوهُ، وَمِنْ أَصْلِهِ الْمَدُّ
3 - وَقَدْ جُمِعَا فِي كِلْمَةٍ مُسْتَبِينَةٍ
................. عَلَى مِثْلِكُمْ تَخْفَى وَمِنْ مِثْلِكُمْ تَبَدُّو
- وقد ورد – أيضًا- عجز البيت الأخير هكذا –وهو أوضح-:
................ عَلَى بَعْضِكُمْ تَخْفَى وَمِنْ مِثْلِكُمْ تَبَدُّو
وقد أجاب جماعة عن هذا اللغز؛ فأدليت بدلوي – مجيبًا عن أهل الشرق؛ لاسيما وأن هذا اللغز فيه انتفاع، وإمتاع – فقلت:
1 - فَهَذَا جَوَابُ الْسُؤْلِ مِنْ شَرْقِنَا يَبْدُو
................. وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْغَرْبِ عَنْ سُؤْلِكُمْ رَدُّوا
2 - فَفِي لَفْظِ: (سُوْءَاتٍ) لِوَرْشٍ وَلاَ بُدُّ
................. فَفِي الْوَاوِ مَا مَدُّوا، وَفِي أَصْلِهِ مَدٌّوا
3 - وَفِي أَلِفٍ مَدٌّ، وَمَا أَصْلَهُ مَدُّوا
................ وَفِي وَاوِهَا سِرُّ الإِجَابَةِ لاَ يَغْدُو
4 - فَتَحْرِيكُهَا أَصْلٌ، فَمِنْ أَجْلِهِ الْمَدُّ
................... لََدَى أَلِفٍ، وَالْمَدُّ فِي الْوَاوِ مَا عَدُّوا
5 - وَفِي أَلِفٍ عِنْدَ الْمُحَقِقِ لاَ يَبْدُو
................. وُرُودُ سُؤَالِ الْحَبْرِ حَتْمًا وَلاَ بُدُّ
6 - فَالاِسْكَانُ قَبْلُ اعْتَلَّ، وَالْمَنْعُ لاَ بُدُّ
................ بُعَيْدَ سُكُونٍ صَحَّ، هَذا هُو الْحَدُّ
7 - كَذَلِكَ هَذَا السُّؤْلُ يَأَتِي إِذَا عَدُّوا
................ لَدَى الْوَاوِ قَصْرًا لَيْسَ إِلاَّ وَلاَ يَعْدُو
8 - وَأَمَّا عَلَى الْتَحْقِيقِ فَالْقَصْرُ مُعْتَدُّ
............... كَذَلِكُمُ التَّوْسِيطُ فِي الْوَاوِ مُمْتَدُّ
9 - أَيَا حُصَرِيَّ الْقَيْرَوَانِ لَكُمْ تَحْدُو
.............. بَلاَبِلُ أَغْصَانٍ، وَمِنْ شَرْقِِنَا تَشْدُو
*وهذا نثر لباب سؤال الحصري:
حرفان: مدوا أحدهما، والأصل عدم مده، ولم يمدوا الآخر، والأصل مده، وهذان الحرفان جمعا في كلمة واضحة، فما هي؟!
*ونثر لباب جواب أن يقال: الكلمة المعنية هي كلمة: (سوءات) في رواية ورش، فالواو لم تمد، وأصلها لمد، والألف مدت، وأصلها لم يمد، وسر الإجابة في الواو: فهي متحركة أصلاً، لأن ما وزنه (فَعْلَة) بسكون العين فمعجمه على (فَعَلات) بفتحها، كتَمْرَة وتَمَرَات
وهنا: سَوْءَة وسَوَءَات، وهي لغة هذيل إلا أنهم يقرأ بها، فلاحظ الحصري الأصل في ترك مد الواو في نفسها، وفي مد الألف التي بعد الهمزة المفتوحة (البدل)، فالعلة واحدة، والحكم فيهما مختلف؛ ولكن عند المحقق لا يبدوا ورود سؤال الحصري في الألف؛ لأن الساكن الذي قبل الهمزة معتل، وهذا لا يمنع مد الألف في البدل، ولو عبارته تؤذن بذلك هنا وكذا في قصيدته في قراءة الإمام نافع {البيت: 56}، وإنما الذي يمنع مدها هو وقوع الساكن الصحيح قبل الهمزة مثل: (القرآن).
*وكذلك: هذا السؤال لا يأتي إلا على رأي من يرى القصر في واو (سوءات) فقط؛ كالحصري حيث صرح بهذا في قصيدته في قراءة الإمام نافع {البيت: 60}، وأما على التحقيق فالقصر والتوسط كلاهما سائغ في هذه الكلمة (ينظر النشر: 1/ 347).
* وعلى هذا التحقيق ينقض لغز الحصري من أساسه، تغمد الله الإمام الحصري برحمته وأسكننا وإياه فسيح جناته ... آمين
وكتبه علي بن سعد الغامدي