[من هموم التفسير: هل يجوز مخالفة أقوال المفسرين بابتداع قول غير مسبوق؟]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[03 - 01 - 08, 02:28 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ..
[من هموم التفسير: هل يجوز مخالفة أقوال المفسرين بابتداع قول غير مسبوق؟]
تعميم الطرح على هذا النحو غير سديد، ومما يدل عليه اللوازم الباطلة في حالتي الإثبات والنفي معا:
-فلو قلنا لا تجوز مخالفتهم انسد باب التدبر .. وتوقف علم التفسير .. فلا يصبح بإمكان المتأخر إلا أن يختار أو يرجح .. والأدهى من ذلك كله ما يترتب عنه من هجر القرآن .. فلن يقرأ أحد القرآن إلا رجاء في حسنات الحرف أما فهمه فيؤخذ من التفاسير التي افترضناها غير قابلة للمخالفة .. قلنا ذلك لأنه لن يؤمن أن يكون ما ينقدح في ذهن القاريء من قبيل ما هو مخالف للمفسرين وذلك محظور افتراضا ... فيكون الأسلم والأعلم أن تؤخذ معاني القرآن من كتب التفسير لا منه .. وهذه حجة مشهورة لدعاة التقليد في الفروع.
فضلا عن المشكلة التقنية المتعلقة بالتحقيب:
من أي سنة سيشرع في تنفيذ مبدأ عدم مخالفة السابقين؟ من زمن ما قبل الطبري أم من زمن ابن كثير؟ ومن هم المفسرون:من طبعت تفاسيرهم أم المعددون في الطبقات .. وهل وصلتنا كل أقوالهم؟؟
وأسئلة أخرى لن يجاب عنها في الغالب إلا تحكما وتشهيا!!
-ولو قلنا تجوز مخالفتهم انفتح باب الابتداع على مصراعيه .. ودخل منه كل من هب ودب من فاسق ومنافق وعدو للقرآن .. وبطلت الضوابط والقواعد وتمت القطيعة مع السلف وانهدم الإسلام!!!
وهكذا يكون القرآن على النهج الأول منطقة محظورة ... وعلى النهج الثاني منطقة مستباحة ...
فما العمل إذن؟
يجب طرح السؤال بصيغة أخرى أكثر تفصيلا:
هل يجوز مخالفة أقوال المفسرين بابتداع قول غير مسبوق في هذه المسألة بعينها؟
أعني يحول النظر من الإجمال العام في الاتباع أوعدم الاتباع ليتم تركيزه على المسائل المفردة الشخصية بتعيين خصوصيات كل مسألة ..
فمسائل القرآن كثيرة ومختلفة منها ما هو فقهي وما هو لغوي وما هو عقدي وما هو تاريخي .....
وحتى داخل الصنف الواحد –مثل الصنف العقدي-لا تتجانس كل مفرداته فلا يستساغ منهجيا أن نعاملها جميعا على نحو واحد ..
وبناء على هذا ساغ لنا القول أن بعض المسائل بعينها لا يجوز فيها إحداث قول جديد .. وبعضها يؤخذ فيها بقول الأقلية .. وبعضها لا يتابعون فيها ..
فمسائل الاسماء والصفات -مثلا- يجب تقريرها بمنهج خاص .. فلا اعتبار لأقوال المفسرين استقلالا .. ومن هنا بطل زعم المقلد الأشعري في تذرعه بكثرة المفسرين الذين أولوا صفة الاستواء ..
صحيح إن المؤولين كثر .. لكن هذه الكثرة لا تأثير له ... وعلى فرض أن المفسرين كلهم أولوا "الاستواء" جاز خلافهم .. بل وجب لأن فهم الاستواء قد تم قبل ظهور هؤلاء المفسرين ...
ويمكن خلاف كل المفسرين في بعض المسائل التاريخية مثلا-ولو أجمعوا عليها-
فلو ثبت بالحفريات والتحليل العلمي الصارم الذي لا شك فيه أن حدثا لم يقع أو وقع أوأن مدينة لم توجد أو وجدت في مكان مخصوص .. فإذا أجمع المفسرون على خلاف ذلك لم يعتبر إجماعهم ... ولا يقال كيف تترك أقوال السلف لأقوال علماء الكفار؟ لأننا نقول ليست المسألة مسألة سلف وخلف أو مسألة مؤمنين وكفار .. بل هي مسألة ظن ويقين!! واتباعنا لقول واحد من الأركيولوجيين لا لإنه قوله أو لكونه غربيا بل لأن دليله المختبري أقوى من دليل المفسرين المعتمد على الإخبار والروايات .. (لا داعي إلى التذكير بأن الخبر إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلتفت إلى قول غيره كائنا من كان)
ولا يجوز القول الجديد في معاني كلمات القرآن-مثلا-لأن اللغة مبنية على السماع والنقل .. والمفسرون أقرب إلى منابع اللغة وأهلها فلا يعتد بالمعاصرين ...
وهكذا ... تراعى خصوصية كل مسألة ..
حاصل القول إذا سئلنا:
هل يجوز مخالفة أقوال المفسرين بابتداع قول غير مسبوق؟
فالجواب الصحيح هو سؤال آخر:
في أية مسألة!!
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[04 - 01 - 08, 02:47 ص]ـ
وفقك الله
يبدو لي أنك تعني بـ (المفسرين) أصحاب الكتب المصنفة في التفسير، فإن كان هذا هو المعنى المقصود فليس إجماعهم حجة بالاتفاق.
وإن كان المقصود بـ (المفسرين) أهل العلم الذين تكلموا في تفسير كتاب الله، فإن اتفاقهم حجة ولا ريب.
¥