تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

غير أنّ بعض الباحثين المتأخرين فهموا نصّ ابن فارس: " ... وهذا مذهبنا في أن الأشياء الزائدة على ثلاثة أحرف فأكثرها منحوت" (28) -فهموه فهماً مختلفاً؛ فقد استنتج بعضهم من هذا النص أنّ ابن فارس يرى أنّ النحت قياسي.

يقول الدكتور إبراهيم أنيس: "ومع وفرة ماروي من أمثلة النحت تحرج معظم اللّغويين في شأنه واعتبروه من السّماع، فلم يبيحوا لنا نحن المولدين أن ننهج نهجه أو أن ننسج على منواله. ومع هذا، فقد اعتبره ابن فارس قياسيا، وعده ابن مالك في كتابه التسهيل قياسيّا كذلك" (29).

حيث يقول "ابن مالك" في التسهيل: قد يُبْنَى من جُزأي المركب فَعْلَلَ بفاء كل منهما وعينه، فإن اعتلّت عين الثاني كمل البناء بلامه أو بلام الأول ونسب إليه.

وقال أبو حيّان في شرحه: وهذا الحكم لا يطّرد؛ إنّما يقال منه ما قالته العرب، والمحفوظ عَبْشميّ في عبد شمس، وعبد ريّ في عبد الدار، ومرقسىّ في امرئ القيس، وعَبْقَسَى في عبد القيس، وتيملي في تيم الله. انتهى (30).

وقد علّقت لجنة النحت بمجمع اللغة العربية في القاهرة على هذا الاختلاف بالقول: " ... وقد نقلنا فيما تقدّم عبارة ابن فارس في فقه اللغة، وهي لا تفيد القياسية إلاّ إذا نظر إلى أنّ ابن فارس ادعى أكثرية النحت فيما زاد عن ثلاثة، ومع الكثرة تصحّ القياسية والاتساع" (31).

وهكذا يظلّ النحت بين قياس وسماع بين اللغويين، ووقف مجمع اللغة العربية من ظاهرة النحت موقف المتردّد في قبول قياسيته، حتى "تجدد البحث أخيراً حول إباحته أو منعه، فرأى رجال الطبّ والصيدلة والعلوم الكيماوية والحيوانية والنباتية في إباحته وسيلة من خير الوسائل التي تساعدهم عند ترجمة المصطلحات الأجنبية إلى اللغة العربية" (32).

ومن هنا؛ انتهى مجمع اللغة العربية بالقاهرة إلى قرار سنة 1948م يفيد: "جواز النّحت في العلوم والفنون للحاجة الملحّة إلى التعبير عن معانيها بألفاظ عربيّة موجزة" (33).

ولكن بشرط انسجام الحروف عند تأليفها في الكلمة المنحوتة، وتنزيل هذه الكلمة على أحكام العربية، وصياغتها على وزن من أوزانها.

وبتحقيق هذه الشروط يكون النّحت -كجميع أنواع الاشتقاق- وسيلة رائعة لتنمية هذه اللغة وتجديد أساليبها في التعبير والبيان من غير تحيّف لطبيعتها، أو عدوان على نسيجها المحكم المتين (34).

الهوامش

? حول هذا الموضوع؛ راجع: المزهر: للسيوطي، 1/ 482 - 485. وكتاب النحت وبيان حقيقته ونبذة من قواعده: للعلامة السيد محمود شكري الألوسى، تحقيق وشرح محمد بهجة الأثري، ط. مطبعة المجمع العلمي العراقي سنة 1409هـ. الاشتقاق: للأستاذ عبد الله أمين، ص 389 وما بعدها.

ومن أسرار اللغة: للدكتور إبراهيم أنيس، ص 71 وما بعدها. وكتاب النحت في اللغة العربية: للدكتور نهاد الموسى، الطبعة الأولى - دار العلوم للطباعة والنشر بالرياض سنة 1405هـ. ودراسات في فقه الله: للدكتور صبحي الصالح، ص 243 وما بعدها. وفقه اللغة العربية: للدكتور إبراهيم محمد نجا، ص 55 وما بعدها. والاشتقاق وأثره في النمو اللغوي: للدكتور عبد الحميد محمد أبو سكين، ص 123 وما بعدها. وفقه اللغة: للدكتور إبراهيم محمد أبو سكين، ص 22 وما بعدها، ط. مطبعة الأمانة سنة 1404هـ. والاشتقاق والتعريب للشيخ عبد القادر المغربي، ص 13 وما بعدها. وفقه اللغة العربية وخصائصها للدكتور إميل بديع يعقوب، ص 208 وما بعدها. والاشتقاق عند اللغويين، للدكتور فتحي أنور الدابولي، ص 369 وما بعدها، (مقال منشور بمجلة كلية اللغة العربية بالزقازيق: العدد الخامس سنة 1406هـ). والنحت في العربية: للدكتور رمسيس جرجس، (بحث منشور بمجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة: العدد 13، مايو 1961م، ص 61 - 76).

والنحت في العربية: عبد الكريم مجاهد (مقال منشور بمجلة الفيصل: العدد 56، صفر 1412 هـ، ص 63 - 66). والنحت قديما وحديثا: للأستاذ كيفورك ميناجيان. (بحث منشور بمجلة اللسان العربي: العدد التاسع، الجزء الأول، ص 162 وما بعدها).

والنحت بين مؤيديه ومعارضيه للدكتور فارس فندي البطاينة (بحث منشور بمجلة اللسان العربي، العدد 34، ص121 وما بعدها).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير