تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقوة في الأسلوب سبب في قوة التأثير، فقد يسهم الأسلوب في إحداث القناعة، لكن قوة الأسلوب تحدث " موقفاً " وتأتي قوة الأسلوب من حيوية الأفكار، ودقتها، ومتانة الجمل، وروعتها، وكذلك تسهم في قوة الأسلوب الكلمات الموحية، والعبارات الغنية، والصورة الرائعة والتقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب، والخبر والإنشاء، والتأكيد والإسناد، والفصل والوصل.

مثال ذلك:

إذا أردنا أن نعيش سعداء حقاً فما علينا إلا أن نراقب القمح في نموه والأزهار في تفتحها، ونستنشق النسيم العليل، ولنقرأ ولنفكر، ولنشارك تايلر في إحساسه، إذ يقول: سلبني اللصوص ما سلبوا ولكنهم تركوا لي الشمس المشرقة، والقمر المنير، والحياة الفضية، الأديم، وزوجة مخلصة تسهر على مصالحي، وتربية أطفالي، ورفقاء يشدون أزري، ويأخذون بيدي في كُربي، فماذا سلبني اللصوص، بعد ذلك؟ .. لا شيء، فهاهوذا ثغري باسم وقلبي ضاحك، وضميري نقي طاهر.

****

الجمال في الأسلوب:

إذا كان الوضوح من أجل الإفهام، والقوة من أجل التأثير، فالجمال من أجل المتعة الأدبية الخالصة، وحينما يملك الكاتب الذوق الأدبي المرهف والأذن الموسيقية، والقدرات البيانية، يستطيع أن يتحاشى الكلمات الخشنة والجمل المتنافرة، والجرس الرتيب، وحينما يوائم بين الألفاظ والمعاني ويستوحي من خياله الصورة المعبرة، يكون أسلوبه جميلاً.

مثال ذلك:

البرج العاجي الخلقي هو السمو عن المطامع المادية، والمآرب الشخصية فليس من حق مفكر اليوم أن ينأى بفكره عن معضلات زمانه ولكن من واجبه أن ينأى بخلقه عن مباذل عصره، وسقطاته، البرج العاجي عندي هو الصفاء الفكري، والنقاء الخلقي، وهو الصخرة التي ينبغي أن يعيش فوقها الكاتب مرتفعاً عن بحر الدنايا الذي يغمر أهل عصره، لا خير عندي للمفكر الذي لا يعطي من شخصه مثلاً لكل شيء نبيل رفيع جميل.

والعنصر الثالث من عناصر المقالة الخطة ويسميها بعضهم الأسلوب الخفي وهي المنهج العقلي الذي تسير عليه المقالة، فإذا اجتمعت للكاتب أفكارٌ وآراء يريد بسطها للقراء، وكان له من الأسلوب ما يستطيع أن تشرق فيه معانيه، وجب ألا يهجم على الموضوع من غير أن يهيء الخطة التي يدفع في سبيلها موضوعه.

والخطة تتألف من مقدمة، وعرض، وخاتمة، والمقدمة هي المدخل وتمهيد لعرض آراء الكاتب، ويجب أن تكون أفكار المقدمة بديهية مسلماً بها، ولا تحتاج إلى برهان، وأن تكون شديدة الاتصال بالموضوع وأن تكون موجزة، ومركزة ومشرقة.

وأما العرض، فهو صلب الموضوع، وهو الأصل في المقالة، وفيه تعرض أفكار الكاتب عرضاً صحيحاً، وافياً متوازناً، مترابطاً متسلسلاً ويُستحسن أن يمهد الكاتب لكل فكرة، ويربطها بسابقتها، ويذكر أهميتها ويشرحها، ويعللها، ويوازنها مع غيرها، ويذكر أصلها وتطورها ويدعمها بشاهد أدبي، أو تاريخي، ويُفضل ان تُعرض كل فكرة رئيسة في فقرة مستقلة.

والخاتمة تلخص النتائج التي توصل إليها الكاتب في العرض، ويجب أن تكون واضحة، صريحة، حازمة.

ومما يتصل بالحديث عن عناصر المقالة الحديث عن أنواعها:

فمن حيث الموضوع هناك المقالة الاجتماعية، والسياسية، ومن حيث الأسلوب، هناك المقالة العلمية، والأدبية، ومن حيث الطول، هناك المقالة المطولة، والخاطرة، ومن حيث اللبوس الفني، هناك المقالة القصصية، والتمثيلية، ومقالة الرحلات، ومقالة الرسالة، ومن حيث موقف الكاتب هناك الذاتية، والموضوعية، ومن حيث طرق نقلها إلى الجمهور، هناك المقالة المقروءة، والمسموعة، والمنظورة.

****

أنواع المقالة:

المقالة العلمية:

موضوعاتها علمية، وأهدافها تبسيط الحقائق العلمية، وتيسير نقلها إلى الجمهور، يقول قدري طوقان " الشمس أقرب نجم إلينا، وتقدر المسافة بثلاثة وتسعين مليوناً من الأميال، فلو سار قطار إليها بسرعة خمسين ميلاً في الساعة لوصلها في مائتين وعشرين سنة، والأمواج اللاسلكية، التي تدور حول الأرض سبع مرات في ثانية واحدة، هذه الأمواج لو أرسلت إلى الشمس لوصلها في ثماني دقائق وربع، ولو أرسلت إلى أقرب نجم إلينا بعد الشمس لوصلته في أربع سنين ونصف ".

لعلكم لاحظتم أسلوب المقالة العملية المباشر الذي يعتمد على الدقة في استخدام الألفاظ، والسهولة في صوغ العبارات، والبعد عن التأنق والزينة ولا تلبس المقالة العلمية من الأدب إلا أرق ثوب.

المقالة الأدبية: وهي قطعة من الشعر المنثور، تشف عن ذات الأديب، وتعبر عن مشاعره، وتنطلق مع خياله، وترسم ملامح شخصيته، أسلوبها أدبي محض، ففيها ماشئت من عواطف جياشة، وخيال عريض، وصور مترفة وأسلوب رشيق، يقول عبد العزيز البشري متحدثاً عن سيد درويش:

" فما إن لحن سيد درويش فكان المغني شديداً إلا قوي لحنه، ودعم ركنه وشدَّ بالصنعة متنه، فسمعت له مثل قعقعة النبال، إذا استعر القتال، أو مثل زئير الآساد، إذا تحفزت للصيال، وإذا جنح الكلام إلى اللين، كان لحنه أرق من نسج الطيف، وألطف من النسمة في سحرة الصيف.

الخاطرة:

مقالة قصيرة جداً تحتل بعض الزوايا في الصحف، والمجلات وتعتمد على أسلوب الخطف في معالجة الموضوعات، وتتميز بالطابع الذاتي وتشيع فيها السخرية، ولها مذاق عذب في نفس القارئ، وهي أشبه شيء بالرسم الكاريكاتوري.


أخي الفاضل إن هذا الكلام منقول من أحد المواقع وهو كلام جميل ولم أعرف كاتبه
ونرجو من الإخوة الزيادة والإفادة في هذا المجال

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير