تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

9ـ ابن الطراوة أبو الحسين سليمان بن مُحَمَّد (ت528هـ) أخذ النحو عن الأعلم وابنِ سراج، قيل: كان أعلمُ أهلِ عصرِه بالأدبِ والعربيةِ،له الإفصاح والمقدمات على كتاب سِيْبَوَيْه والترشيح،وغيرها من الكتب ([20]).

ثانياً: حياته

اسمه وكنيته ولقبه ومولده

هو ([21]) أبُو الحَسَن عليُّ بنُ أحمدَ بن خَلف بن مُحَمَّد الأنصاري الأندلسي الغرناطي المالكي النحوي،وزاد ابن فَرْحُون لقبَ (الباذِش) في اسمِه،فقالَ: عليٌّ بنُ أحمدَ بن خلف بن مُحَمَّد الباذِش الأنصاري ([22])،ويبدو لي أنّ هذا هو الصوابُ في اسمِه، فقد عُرفت أسرةُ أبي الحسن في غرناطةَ ببني الباذِشِ ([23])، فالباذِشُ ليس لقباً لأبي الحسن وحدَه وإنما هو لقبٌ لجميع أسرته.

عُرِفَ أبو الحسن بهذا اللقب، وكذلك عُرِفَ به ولدُه أبو جعفر وحفيدُه أبو مُحَمَّد، وكان بعضُ الشيوخ يقول: (البَيْذِش) بكسر الذال، وقيل: معناها بالعربية: (الرجلان) ([24]).

وُلِد أبو الحسن سنةَ أربع وأربعين وأربعمائة بغرناطةَ في أسرةٍ أصلُها من (جيان) ([25]) في الأندلس، وقد عُرفت بالتديِّن والعفافِ والورعِ،وهي أسرةٌ محبةٌ للعلمِ مجتهدةٌ في تحصيله، قال في الإحاطة عن أبي جعفرالرُّعَيْني ([26]): "هو مِنْ بَيْتِ تَصاونٍ وعَفَافٍ ودين والتزامٍ بالسُّنة كَانوا في غَرناطَة في الأشْعارِ وتَجْويدِ القرآنِ والامْتِيازِ بحَمْلِه وعُكوفِهم عليه نُظراءُ بني عظيمة بإشبيليةَ وبني الباذِش بغرناطة ".

أخلاقه وعلمه

عُرفَ أبو الحَسَن بالتزامِه بالدين مع ورعٍ صادقٍ وزهدٍ في الدنيا خالصٍ طيلةَ حياته ([27])، وكان إمامَ الفريضةِ بجامع غرناطة ([28])،كما عُرفَ بالتَّواضُعِ، فقد كانَ مُحِبّاً للعلم مجتهداً في طلبه،فيَجْلسُ مُسْتمِعاً أو قارئاً على العلماءِ مَعْ تَلامِذَتِه، يقولُ ابنُ عياض وهو أحَدُ تلامذته ([29]): " كانَ مَعْ تَصَدّرِه وتَقَدّمِه لا يَقطَعُ الطلبَ والسَّماعَ والرِّحْلةَ،سَمِعَ مَعَنا عَلى الشيوخِ، وكانَ يَقرَأ على المُقرِئينَ ما فَاتَه مِنْ رِوايةٍ ".

وقيلَ في عِلمِه ([30]): " وكَانَ من أهْلِ المَعْرِفَةِ بالآدابِ واللغاتِ والتَّقدّمِ في علمِ القراءاتِ والضَّبْطِ للرواياتِ، وكانَ حَسَنَ الخَطِّ جَيِّدَ التَّقْييدِ، وله مُشاركةٌ في الحديثِ ومَعرفةٌ بأسْماءِ رجالِهِ ونَقَلَتِه،وكان مِنْ أهلِ الروايَةِ والإتقانِ والدّرايةِ "، فقد جَمَعَ أبو الحَسَن بنُ الباذِش علمَ القرآنِ والحديثِ واللغةِ والشعرِ والنحوِ،فكان من أهل المَعْرِفَة في علومٍ عدّة.

ويشهدُ على علمِه في القراءاتِ كتابُ ولدِه أبي جعفر حيثُ يحسُّ القارىءُ لكتابِ الإقناعِ في القراءاتِ السبعِ أنَّ أبا الحَسَن مؤلِّفٌ مُشاركٌ في هذا الكتابِ، فقد ذكره ولدُه أكثرَ من خمسين مرّة ناقلاً عنه مستنيراً برأيه، وكانَ ولدُه أبو جعفر مُعجباً به وبعلمِه ونفاذِ رَأيِه حتى إنه قال فيه ([31]): " وحقّ على من أوتي بسطةً في اللسان، وبُوِّىء ذروةَ الإحسان، وأخذ عن النقابِ الماهرِ والشهابِ الزاهر، أستاذِ الأستاذين، وجهبذِ الجهابذة الناقدين أبي الحَسَن علي بن أحمد رضي الله عنه، بقية الأعلام، وذخيرة الأيام "،وقال أيضا ([32]): " وطالعت أبي أيّده الله في مشكله وعويصه،فلما سَرّه وأرضاه وأقرّه وارتَضاه، وتقلّده وانْتَضاه، كشفت عنه قناعاً مغدَقاً،وأطلعته نوراً يجلو سُدَفاً، ودرّاً فارق من الكتمان صدفاً استناداً إلى عارضتِه الشديدةِ المكينة، وموادّه العتيدةِ المنيعةِ، لأنّه يَغْرفُ من بُحور، ويسعى بين يديه أوضحُ برهان وأسطعُ نورٍ، فدونَك منه فائدةً تُشَدّ الرحالُ فيما دونَها، ويَلقاها الرجال ولا يعدونها ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير