عندما يكون (النحو) وبالاً على صاحبه
ـ[زكرياءُ]ــــــــ[20 - 06 - 07, 05:12 م]ـ
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيّئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلَّ له, ومن يُضلل فلا هاديَ له, وأشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله. أما بعد:
فلايخفى على طالب العلم أهمية معرفة قواعد النحو، وفهمها، وحُسْنُ تطبِيْقِها واستعمالها؛ قال شيخ الإسلام بن تيمية في الاقتضاء 1/ 470 (إن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
وقال -رحمه الله - في الفتاوى- (معلوم أن تعلم العربية وتعليم العربية فرض على الكفاية وكان السلف يؤدبون أولادهم على اللحن فنحن مأمورون أمر إيجاب أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي ونصلح الألسنة المائلة عنه فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة والاقتداء بالعرب في خطابها).
ولقد قرأتُ في كتابِ الحافظ العراقي -رحمه الله - (إقتضاءُ العلم ِ العملِ) فصلاً؛ يبيّن فيه متى يكن تعلُّم النحو شرًّ على صاحبهِ، أحببتُ نقلهُ، من بابِ التَّواصي به مع إخواني -حفظهم الله - لعلَّ النيّاتِ أنْ تصْلُحَ وتتقوّم.:
قال الخطيبُ رحمه الله:
[باب من كره تعلم النحو لما يكسب من الخيلاء والزهو]
*- أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا أبو بكر محمد بن الفتح الحنبلي ثنا عبد الله بن أبي داود ثنا كثير بن عبيد ثنا الوليد بن مسلم عن الضحاك بن أبي حوشب قال سمعت القاسم ابن مخيمرة يقول (تعلم النحو أوله شغل وآخره بغي)
*- أخبرنا عبد الله بن عمر بن أحمد الواعظ ثنا أبي ثنا محمد بن العباس بن شجاع ثنا أيوب بن سليمان ثنا عبد الحميد ابن إبراهيم أبو تقي ثنا سلمة بن كلثوم قال سمعت إبراهيم بن أدهم عن مالك بن دينار قال (تلقى الرجل وما يلحن حرفا وعمله لحن كله).
*- حدثني أبو القاسم الأزهري ثنا محمد بن العباس الخراز ثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن خبيق قال سمعت شيخا من أهل دمشق يقول قال إبراهيم بن أدهم (أعربنا في الكلام فما نلحن ولحنا في الأعمال فما نعرب).
*- أخبرني أبو الحسن علي بن أيوب القمي قال أنبأ أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال أخبرني الصولي قال قال بعض الزهاد:
لم نؤت من جهل ولكننا * نستر وجه العلم بالجهل
نكره أن نلحن في قولنا * ولا نبالي اللحن في الفعل
*- أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد ثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثني محمد ابن خالد قال حدثني علي بن نصر يعني أباه قال (رأيت الخليل بن أحمد في النوم فقلت في منامي لا أرى أحدا أعقل من الخليل فقلت ما صنع الله بك قال أرأيت ما كنا فيه فإنه لم يكن شئ أفضل من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا والله أكبر).
*- أخبرنا أبو بكر أحمد بن المبارك بن أحمد البراثي ثنا علي بن محمد بن موسى التمار بالبصرة ثنا أبو عيسى جبير بن محمد ثنا أحمد بن عبد الله الترمذي قال سمعت نصر بن علي يقول سمعت أبي يقول (رأيت الخليل بن أحمد في المنام فقلت له ما فعل بك ربك قال غفر لي قلت بم نجوت قال بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قلت كيف وجدت علمك أعني العروض والأدب والشعر قال وجدته هباء منثورا).
*- أنشدنا الحسن محمد بن المظفر بن عبد الله السراج قال أنشدنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد الفقيه قال أنشدنا هلال بن العلاء الباهلي لنفسه:
سَيَبْلَي لسان كان يعرب لفظة * فيا ليته من وقفة العرض يسلم
وما ينفع الإعراب إن لم يكن تقى * وما ضر تقوى لسان معجّم.
*- أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الخياط الأزجي ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد بجرجرايا ثنا محمد بن مخلد ثنا محمد بن المثنى السمسار قال: (كنا عند بشر بن الحارث وعنده العباس بن عبد العظيم العنبري وكان من سادات المسلمين فقال له يا أبا نصر أنت رجل قد قرأت القرآن وكتبت الحديث فلم لا تتعلم من العربية ما تعرف به اللحن حتى لا تلحن قال ومن يعلمني يا أبا الفضل قال أنا يا أبا نصر قال فافعل قال قل ضرب زيد عمرا قال فقال له بشر يا أخي ولم ضربه قال يا أبا نصر ما ضربه وإنما هذا أصل وضع فقال بشر هذا أوله كذب لا حاجة لي فيه).
*- أخبرنا أبو نصر أحمد بن علي بن عبدوس الأهوازي إجازة قال سمعت محمد بن إبراهيم الأصبهاني يقول سمعت عبد الله بن الحسين بن سعيد الملطي يقول سمعت أبا هارون محمد بن هارون يقول سمعت ابن أبي أويس يقول: (حضر رجل من الأشراف عليه ثوب حرير قال فتكلم مالك بكلام لحن فيه قال فقال الشريف ما كان لأبوي هذا درهمان ينفقان عليه ويعلمانه النحو قال فسمع مالك كلام الشريف فقال لأن تعرف ما يحل لك لبسه مما يحرم عليك خير لك من ضرب عبد الله زيدا وضرب زيد عبد الله).
والسلام عليكم ورحمة الله.
¥