[نبذة عن الخليل بن أحمد]
ـ[عبدالرحمن الخطيب]ــــــــ[15 - 06 - 07, 03:14 م]ـ
عَلَمُ العربيةِ
الخليلُ بنُ أحمدَ
الزاهدُ العابدُ العالمُ المُتَبَحِرُ في العلوم فيلسوفُ الإسلامِ (أبو عبد الرحمن)
التعريف والنشأة:
هو: الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي البصري (أبو عبد الرحمن)، صاحب العربية والعروض، أحد الأعلام.
والفراهيدي بالفاء والراء والألف والهاء والياء آخر الحروف وبعدها دال، نسبة إلى فراهيد، وهي بطن من الأزد.
ولد الخليل في البصرة، سنة مائة من الهجرة، حدث عن أيوب السختياني وعاصم الأحول والعوام بن حوشب وغالب القطان.
وفي طبقات النحويين للزبيدي: كان يونس يقول الفرهودي (بضم الفاء) نسبة إلى حي من الأزد، ولم يسم أحد بأحمد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل والد الخليل.
ولا شك أنه "ثمة عوامل أسهمت في تكوين شخصية [هذا] العالم –الخليل- العلمية، مما جعله متميزًا عن غيره، فحضوره حلقة القارئ (عاصم بن أبي النجود) في الكوفة، وما أخذه من مكة عن قارئها (ابن كثير) وسعيه الدائم في اكتساب العلوم الشرعية، واتصاله بالأعراب الذين تؤخذ اللغة عنهم، وذلك من خلال تجواله في بوادي الحجاز ونجد وتهامة، ولا سيما الالتقاء بأئمة العربية في عصره، كل ذلك جعله فقيهًا في اللغة عارفًا أسرارها، وهذا جعله متصدرًا للتدريس في مسجد البصرة الكبير ومن صفاته: ذكاؤه النادر، وقوته الذهنية المتميزة في الفطنة والنباهة وقوة الملاحظة، مما كان هذا العامل –الذكاء- الأساس في تكوين شخصية هذا العالم الفذ".
شيء من مناقبه:
قال عنه سفيان بن عيينة: من أحب أن ينظر إلى رجلٍ خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد.
وقال الذهبي: كان إمامًا كبير القدر في لسان العرب، خيرًا متواضعًا، فيه زهد وتعفف.
وقال أيضًا: وكان رأسًا في لسان العرب دينًا ورعًا قانعًا متواضعًا كبير الشأن، وقيل: كان متقشفًا متعبدًا.
وقال ابن خلكان: كان الخليل رجلا صالحًا عاقلا حليمًا وقورًا.
قال النضر: أقام الخليل في خص له بالبصرة لا يقدر على فلسين وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال! وكان كثيرًا ما ينشد:
وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ... ذخرًا يكون كصالح الأعمال.
وكان الناس يقولون: لم يكن في العرب بعد الصّحابة أذكى من الخليل بن أحمد ولا أجمع.
قال الزركلي: ولد ومات في البصرة، وعاش فقيرًا صابرًا، كان شعث الرأس، شاحب اللون، قشف الهيئة، متمزق الثياب، متقطع القدمين، مغمورًا في الناس لا يعرف.
قال النضر بن شميل: ما رأى الرأوون مثل الخليل ولا رأى الخليل مثل نفسه.
وفي [أخبار النحويين]: وكان من الزهاد في الدنيا والمنقطعين إلى العلم.
وكان رحمه الله يحجّ سنة ويغزو سنة حتى مات.
قال أيوب بن المتوكل كان الخليل إذا أفاد إنسانًا شيئًا لم يره بأنه أفاده، وإن استفاد من أحد شيئًا أراه بأنه استفاد منه.
قال الذهبي معلقًا: صار طوائف في زماننا بالعكس.
ويقال: أنه كان عند رجل دواء لظلمة العين ينتفع به الناس فمات وأضرّ ذلك بمن كان يستعمله، فقال الخليل بن أحمد: أَلَهُ نسخة معروفة؟ قالوا: لا، قال: فهل له آنية كان يعمل فيها؟ قالوا: نعم إناء كان يجمع فيه الأخلاط، فقال: جيئوني به فجاؤه به، فجعل يشمّه ويخرج نوعًا نوعًا حتى ذكر خمسة عشر نوعًا، ثم سأل عن جميعها ومقدارها، فعرف ذلك ممن يعالج مثله، فعمله وأعطاه الناس فانتفعوا به مثل تلك المنفعة، ثم وجدت النسخة في كتب الرجل فوجدوا الأخلاط ستة عشر خلطًا كما ذكر الخليل لم يفته منها إلا خلط واحد.
ومما روي عن الخليل أنه قال: اجتزت في بعض أسفاري براهب في صومعة، فوقفت عليه والمساء قد أزف جدًا، وخفت من الصحراء، فسألته أن يدخلني فقال: من أنت؟ قلت: الخليل بن أحمد، فقال: أنت الذي يزعم الناس أنك وجيه واحد في العلم بعلم العرب؟ فقلت: كذا يقولون، ولست كذلك، فقال: إن أجبتني عن ثلاث مسائل جوابًا مقنعًا فتحت لك الباب وأحسنت ضيافتك وإلا لم أفتح لك، فقلت: وما هي؟ قال: ألسنا نستدلّ على الغائب بالشّاهد؟ فقلت: بلى، قال: فأنت تقول أن الله تعالى ليس بجسم ولا عرض، ولسنا نرى شيئًا بهذه الصفة، وأنت تزعم أن الناس في الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوّطون، وأنت لم تر آكلًا ولا شاربًا إلا متغِّوطًا، وأنت تقول أن نعيم أهل
¥