ففي الحروف التي لا دلالة لها على معنى في نفسها أولى، لضعفها عن احتمال الإجمال وزيادة الإبهام بدخوله فيها.
397
وأما الأشاعرة فيعتقدون ذلك [الرؤية] مع اعتقادهم أنه ليس في جهة أصلا، ولذلك احتاجوا إلى أن فسروا المراد بالرؤية بأن توجد حالة نسبتها في الانكشاف والظهور إلى ذات الله تعالى كنسبة الحالة المسماة بالإبصار والرؤية إلى المرئيات المشاهدة وهو شغْب وعدول عن الحقيقة.
وأما الكرامية والمجسمة فإنما يجوزون رؤية الله تعالى لاعتقادهم أنه جسم متحيز في مكان، ولولا ذلك لامتنع وجودُه عندهم فضلا عن رؤيته وهو كفر محض.
399
قول الشاعر:
نظرتُ إليها من خلال خصاصِ ............ فأبصرت وجها داعيا لمعاصي
[قال المحقق: لم أقف عليه]
401
الأفعال اللفظية قد تستوي في معانيها وتتفاوت في طباعها وجواهرها فيحتاج بعضها إلى ما يعديه لضعفه، / ويستغني الآخر عن ذلك لقوته. كقولنا: سرت حتى انتهيت إلى البصرة، وحتى وصلت أو بلغت البصرة. فلا بد من تعدية (انتهيت) بإلى. و (وصلتُ) و (بلغتُ) مستغنيان عنها. وفي الأفعال ما يجوز فيه الأمران فيتعدى بنفسه وبغيره، نحو شكرتُ زيدا وشكرت له ونصحته ونصحت له.
402
ولم يأت في اللغة خان النعمة، ولكن يقال: كفر النعمة وغبطها، وإنما يقال: خان العهد والميثاق.
........... والذي يظهر لي فيه أن المراد بقول الأعشى (ولا يخون إلاّ) بتشديد / اللام، والإل العهد ...... ولكنه خفف لضرورة الشعر. وهذا أنسب لأنه عطفه على قطيعة الرحم وقطيعة الرحم أقرب إلى خيانة العهد منها إلى كفر النعمة، على ما يدرك بمبادرة الذهن.
403
فإن قوله [أوس بن حجر] (فهل لكم فيما إليَّ) معناه فيما انتهى إليَّ من العلاج والطب وجودةِ التصرف فإني ماهر في ذلك، وهذا لفظ منتظم ومعنى مستقيم فلم يتعين حملها على عند إلا بالتحكم والتعصب.
404
وإن سلمنا الإجمال ورجعنا إلى المبين، فالسنة الصحيحة المستفيضة أولى ببيان القرآن من العقل، إذ السنة معصومة من الخطأ لعصمة قائلها، بخلاف العقل، فإنه بمجرده كالسفينة بغير ملاح في اشتداد الرياح، يوشك أن تميل بها موجة فتغرق.
لا يقال: السنة وإن استفاضت لكنها آحاد فلا يثبت بها هذا الأصل.
لأنا نقول: هي وإن كانت آحادا إلا أنها قويت باستفاضتها وتلقي الأمة لها بالقبول على ثبوت مثل هذا الأصل بها.
407
ويزعم بعضُ هؤلاء الصوفية المدعين للرياضة أنهم يرونه في الدنيا، وهو مخرفة وزندقة، ولعل الشيطان يخيل إليهم شيئا من مخرفته ويلبس عليهم فيدعون هذه الدعوى.
409
واعلم أن من يقول بأن (إلى) ترد بمعنى (مع) إن أراد بالوضع لزم الاشتراك في موضعها وهو خلاف الأصل، وإن لم يرد الوضع فهو مجاز والأصل خلافه.
413
وقد ورد الإعرابُ على المجاورة ورودا سائغا شائعا جدا في كتاب الله ولغة العرب
/ أما الكتاب فقوله تعالى: {فيأخذكم عذاب يوم أليم} {إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم} جر (أليما) لمجاورة يوم وهو صفة لـ (عذاب) المرفوع في الأولى المنصوب في الثانية.
415
على قولنا يكون العطف على عامل لفظي أصلي في اللغة وعلى قولكم يكون إعرابا على المجاورة وهو معنوي عارض في اللغة إما للضرورة أو التحسين واللفظي أقوى من المعنوي فالمصير إليه أولى.
417
[الرافضة] وأنتم جمعتم بين القرائتين بحمل قراءة الجر على المجاورة، وهو عامل شاذ في اللغة بل ليس بعامل، وإنما هو موضع ضرورة لإصلاح القوافي وتحسين المعاني والحمل على المشهور أولى من الشاذ.
الثاني: سلمنا أن المجاورة أصل معتمد، لكن إنما تستعملها العرب في غير محالّ اللبس، ...... فأما الآية فاللبس حاصل لتردد الحكم بين الغسل والمسح، وما يفضي إلى اللبس – لا سيما في كتاب الله – مطرح
418
أقصى ما في الباب أن كل واحد من عاملنا وعاملكم راجح من وجه ومرجوح من وجه .... فيتساقطان من هذه الحيثية ويعدل إلى الترجيح من غيرهما.
¥