[تقويم اللسان لأخينا متعلم.]
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[09 - 05 - 09, 06:14 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله وآله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد ...
فقد سألت أخى المتلقب بـ " متعلم" المشرف العام على منتديات الجامع الإسلامية لحوار النصارى عن تقويم اللسان فأجابنى برسالة أحسبها مفيدة، وها أنا أنقلها لكم.
قال حفظه الله:
السلام عليكم ورحمة الله ..
الأصل في تقويم اللسان هو السماع. دع أميًا في "لندن" سنة، ثم قارن إنجليزيته بإنجليزية دكتور جامعة، ستجد أن الأولى تفوق الثانية، إلا إذا كان دكتور الجامعة حاز نصيبه من السماع.
أعلى نص عربي لغة وبلاغة يمكنك سماعه هو القرآن الكريم. لم أجد مثل سماع القرآن في تقويم اللسان. فأكثِر من سماع القرآن، لا سيما بأصوات الحصري والمنشاوي وعبد الباسط والبنا. هم القمة في الأداء. يمكننا أن نضم إليهم الحذيفي الذي يعطيك الصبغة البدوية الأصيلة لنطق العربية.
بعد القرآن يأتي دور الأحاديث الصحيحة وأقوال الصحابة والتابعين وقصائد الشعراء والمأثور من الحكم والأمثال وأنثار الأدباء وخطب البلغاء. لكن المشكلة هنا أنك لن تستطيع الحصول على صوتيات مقتصرة على هذه المواد فقط، وإنما الغالب أن تأتي في سياق أوسع منها. مثلاً تستمع للشيخ محمد حسان، فتجد في خطبته الحديث والأثر والقصيدة والحكمة والقول المأثور، بخلاف القرآن الذي تستطيع سماعه مستقلاً، مما يعطيه كثافة أكبر في التأثير.
هناك خطباء في عصرنا هم أدباء أيضًا. أي أصبحت خطبهم ودروسهم قطعًا أدبية رفيعة في ذاتها. أرشح لك منهم عائض القرني وعلي القرني. فأكثِر من الاستماع إليهما.
لا أتخيل أن العربي قبيل البعثة النبوية وبعدها كان ينطق بغير طريقة عائض القرني. هو يعطيك العربية بدوية ساذجة كأنك تمشي مع أحد الصحابة بين شعاب مكة تستمع لأهلها بتحدثون بعفوية.
إن من يقف عند " مكتوبات " عائض لا يتعداها إلى صوتياته، لهو شخص لم يدرك بعد الكنز الذي يحمله عائض.
ولا أتخيل أن " الجاحظ " لو قام بيننا خطيبًا سيتكلم بغير طريقة علي القرني. الشيخ عليّ يعطيك العربية متأنقة مزينة موشاة مزركشة. يعجبني أنه يكثر من اقتباس الحكم والأمثال العربية الأصيلة، وهي دائرة قد هجرها الأكثرون. كثيرون لا يستمتعون بخطب العرب لا سيما الجاهلية منها، هؤلاء أنصح لهم بالاستماع إلى علي القرني، وبعدها سيحرصون غالبًا على اقتناء "جمهرة خطب العرب".
هناك الشاعر المشهور عبد الرحمن العشماوي. قد أستمتع ببعض قصائده المكتوبة وقد لا أستمتع. لكني دومًا أستمتع بأدائه الصوتي لقصائده مهما كان مستوى القصيدة.
هذا عن السماع .. وأما القراءة، فهي وإن كانت دون السماع، لكنها تساعد أيضًا على حصول المطلوب.
بالطبع أول نصوصك المقروءة يجب أن يكون القرآن العظيم. ثم الأحاديث النبوية الشريفة.
بعد هذا يأتي دور أقوال الصحابة والتابعين ومعها قصائد الشعراء والحكم والأمثال والمأثور من أنثار الأدباء وخطب البلغاء.
" البيان والتبيين " للجاحظ، من أعلى الكتب الأدبية التي تقوّم اللسان. يُحكى أن بعض الأعاجم صار فصيحًا بليغًا، فلما سئل عن وسيلته، قال: جعلت لنفسي وردًا كل يوم قراءة خمسين ورقة من " البيان والتبيين " بصوت عالٍ. لاحظ أنه اشترط الصوت العالي ليحظى ببعض السماع الذي هو الأصل كما قلنا.
ستجد كثيرًا من أقوال الصحابة والتابعين في " حلية الأولياء " و " صفة الصفوة ".
" مجمع الأمثال " للميداني، يكفيك في باب الحكم والأمثال، وهو باب مهم قلَّ من يعتني به.
" جمهرة خطب العرب " لأحمد زكي صفوت، أيضًا يكفيك في بابه.
" أدب الدنيا والدين " للماوردي، قطعة أدبية راقية، قل من ينتبه إليها.
فن المقامات من أجمل الفنون التي تجعلك تملك زمام العربية، لكن لا أنصح لك بها في البداية، بل اجعلها حين تشعر ببعض القوة في ساعدك. وحتى إذا بدأت لا تبدأ بمقامات الحريري ولا مقامات الهمذاني، بل ابدأ بمقامات القرني، ثم " حديث عيسى بن هشام " للمويلحي، و " مجمع البحرين " للشيخ ناصيف اليازجي وهو نصراني، ثم الحريري والهمذاني ستجدهما ساعتها رائقين بإذن الله.
¥