[فك الشفرة الجزائرية.]
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[08 - 08 - 07, 01:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فك الشفرة الجزائرية
و فتح الأيقونة الباريسية
لا أعلم ما هو سر هذا الاهتمام المفاجئ بسيرة الأمير عبدالقادر الجزائري، فقناة العربية تقوم ببث فلم وثائقي عنه، بيما تنتج سوريا فلماً خاصاً عن الرجل ـ من المقرر أن يكون معروضاً في مهرجانات قريبة ـ، في الوقت الذي تعرض فيه الأمم المتحدة جناحاً خاصاً عنه عن طريق الممثلية الدبلوماسية الجزائرية في الهيئة، و كأن الرجل إنما توفي عن وقتٍ قريب جداَّ.
لكن حين نطَّلع على سيرة الأمير عبدالقادر الجزائري، ومراحل تكوُّنِه الفكري فقد يخفِّف ذلك من حِدَّة ما تملَّكنا من التعجب.
الأمير عبدالقادر الجزائري:
نسبه ومولده:
هو الشيخ عبد القادر ابن الأمير محيي الدين الحسني، حيث يصلُ نسبه بالإمام الحسين بن علي، يقول الأمير عبدالقادر عن سلسلة نسبه:
(إنني عبد القادر ابن محي الدين ابن مصطفى ابن محمد ابن المختار ابن عبد القادر ابن أحمد ابن محمد ابن عبد القوي ابن يوسف ابن أحمد ابن شعبان ابن محمد ابن أدريس ابن أدريس ابن عبدالله (المحض) أبن الحسن (المثنى) أبن الحسن (السبط) ابن فاطمة بنت محمد رسول الله وزوجة علي ابن أبي طالب عم الرسول.
كان أجدادنا يقطنون المدينة المنورة وأول من هاجر إليها هو أدريس الأكبر الذي أصبح فيما بعد سلطانا على المغرب وهو الذي بنى (فاس) وبعد أن كثر نسله توزعت ذريته ومنذ عهد جدي فقط قدمت عائلتنا لتستقر في "أغريس" قريبا من "معسكر")
(انظر:"الأمير عبد القادر" – سلسلة الفن والثقافة – وزارة الإعلام والثقافة الجزائرية – الجزائر / ص 1974).
إلاَّ أن فريبه الأمير محمد أورد سلسلة أخرى تختلف كلياً في كتابه:" تحفة الزائر في مآثر الأمير عبدالقادر وأخبار الجزائر "، ممَّا يُضعف الثقة في هذه النسبة الشريفة، لا سيما إذا عرفنا أ ن النسبة الشريفة من شروط الوصول الى مرتبة القطبية عند المتصوفة، كما أننا إذا علمنا أيضاً أن الصوفية يجوِّزون الاكتساب الروحاني للنسبة الشريفة تقلُّ الثقة عندنا بتلك السلاسل النسبية المسبوكة.
ولد الأمير عبدالقادر في 23 من رجب عام 1222هـ / مايو 1807م، وذلك بقرية "القيطنة" بوادي الحمام من منطقة معسكر "المغرب الأوسط" أو الجزائر.
ثم انتقل والده الذي كان شيخ الطريقة القادرية في وقته إلى لمدينة "وهران"، و اثر اصطدام مع الوالي العثماني أمر الوالي بتحديد إقامة محيي الدين في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة.
رحلة محيي الدين الجزائري و ابنه عبدالقادر:
كان الإذن للشيخ محيي الدين بالخروج لفريضة الحج عام 1241هـ/ 1825م، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبد القادر معه، فكانت رحلة عبد القادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثم العودة إلى الحجاز، ثم العودة إلى الجزائر مارًا بمصر وبرقة وطرابلس ثم تونس، وأخيرًا إلى الجزائر من جديد عام 1828 م، على طريقة رحلات الصوفية و ما فيها من الوقوف على الآثار والأولياء، وما لبث الوالد وابنه أن استقرا في قريتهم "قيطنة".
الاحتلال الفرنسي:
ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.
المبايعة:
فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "وهران" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسني"
شيخ الطريقة القادرية في وقته، و والد الأمير عبدالقادر،وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة إلاَّ أنَّه قبل قيادة الجهاد.
فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقبل السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه "علي بن سليمان" ليكون أميرًا على وهران، وقبل أن تستقر الأمور تدخلت فرنسا مهددة السلطان بالحرب، فانسحب السلطان واستدعى ابن عمه ليعود الوضع إلى نقطة الصفر من جديد.
¥