[الإمام النووي جمع وترتيب أحمد فريد]
ـ[محمد عبد الوهاب أبو سمية]ــــــــ[19 - 07 - 07, 12:18 م]ـ
مقدمة
نسأل الله ـ تعالى ـ حسن الخاتمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما.
ثم أما بعد،
فما أطيب سيرة العلماء العاملين، والأئمة الكاملين، الذين زينهم الله ـ عز وجل ـ بالعلم واليقين وأبقى لهم من الثناء الحسن والذكرى العطرة، والمحبو التي تملأ قلوب عباده المؤمنين كما وعد الله ـ عز وجل ـ أهل الأيمان والعمل الصالح فقال تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سجعل لهم الرحمن ودا " (مريم: 96) أي مودة ومحبة، فيحبهم الله ـ عز وجل ـ ويحببهم إلى عباده وقيل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـالرجل يعمل العمل لا يريد به إلا وجه الله فيحبه الناس وفي رواية " فيثني عليه الناس " فقال تلك عاجل بشرى المؤمن " رواه مسلم.
وإمامنا النووي من أوفر العلماء تصيب من هذه المحبة ومن ثناء الخلق، والدارس لترجمته ـ رحمه الله ـ يرى فيه من الزهد، والورع والحرص على طلب العلم النافع والعمل الصالح والقوة في الجهر بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخشية والمحبة للهت ـ عزو وجل ـ ولرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يبين سر هذه المحبة التي تملأ قلوب الخلق.
لقد فاق الإمام النووي علماء عصره ومن المرجح أنه ـ رحمه الله ـ مات ولم يتعد الخامسة والأربعين عاما، وترك من الآثار العلمية والتقريرات والكتب المحررات ما فاق به علماء عصره وأئمة دهره.
فهذه ترجمة الإمام النووي أهديها إلى إخواننا من طلاب العلم لعلها تكون سببا في شحذ هممهم في طلب العلم، والزهد في أعراض الدنيا الفانية أو الرغبة في الآخرة الباقية، لقد تزوج شيخنا النووي كتب العلم النافع، ورضى بسكنى الأربطة المعدة للطلاب وقنع بالكعك والتين، حتى يوفر وقته وجهده لخدمة المسلمين، وكان يلبس المرقع من الثياب ولا يبالي بزينة الدنيا طلبا لرضى الملك الوهاب، فما نال من الدنيا من زينتها وشهواتها، ولم تنل منه الدنيا شيئا، فكانت حياته كلها لله ـ عز وجل ـ حتى فارق الدنيا وهو في طلب العلم والعبادة والزهادة والتصنيف والإفادة، فرحمه الله رحمة واسعة وأدخلنا وإياه وجنة عالية، قطوفها دانية.
وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
اسمه وكنيته ولقبه ومولده وصفته رحمه الله
اسمه: يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام الحزامي الحوراني الدمشقي الشافعي.
كليته: أبو زكريا، وهي كنية على غير قياس، وقد استحب ذلك أهل العلم كما قال النووي ـ رحمه الله ـ في المجموع:
" ويستخب تكنية أهل الفضل من الرجال والنساء سواء كان له ولد أم لا، وسواء كنى يولده أو بغيره، وسواء كنى الرجل بأبي فلان أو بأبي فلانة، وسواء كنيت المرأة بأم فلان أم فلانة "
وإنما كنى بأبي زكريا لأن اسمه يحيى، والعرب تكني من كان كذلك بأبي زكريا التفاتا إلى نبي الله يحيى وأبيه زكريا ـ عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ، كما تكني من كان اسمه يوسف بأبي يعقوب ومن اسمه إبراهيم بأبي إسحاق، ومن اسمه عمبر بأبي حفص على غير قياس، لأن يحيى ويوسف مولودان لا والدان، ولكنه أسلوب عربي مسموع.
لقبه: محيي الدين، وقد كان رحمه الله يكره أن يلقب به.
قال اللخمي: وصح عنه أنه قال: لا أجعل في حل من لقبي محيي الدين، وذلك منه على ما تشأ عليه من التواضع وإلا فهو جدير به لما أحيا الله به من سن وأمات به من بدع وأقام به من معروف، ودفع به من كنكر، وما نفع الله به المسلمين من مؤلفات، ولكن بأبي الله إلا أن يظهر هذا اللقب له عرفانا وإشارة بذكره وفي الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من رواية أبي هريرة رضي الله عنه:" وما تواضع أحد لله إلا رفعه .. "
مولده: اتفق المؤرخون على تحديد شهر محرم من عام واحد وثلاثين وستمائة للهجرة لزمن ولادته.
صفته: قال الذهبي: كان أسمر، كث اللحية، ربعة، مهيبا، قليل الضحك، عديم اللعب، بل جد صرف يقول الحق وإن كان مرا، لا يخاف في الله لومة لائم.
¥