تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الاختلاف بين القراء في القراءة انواعه وأسبابه]

ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[03 Jun 2010, 04:37 م]ـ

منقول من مجلة الجندي المسلم:

http://jmuslim.naseej.com/Detail.asp?InNewsItemID=323952

الاختلاف بين القراء في القراءة، أنواعه وأسبابه

د/ أحمد بن فارس السلوم

قد وقع بين القراء اختلاف كثير في الأصول والحروف، وكان هذا الاختلاف قديماً جداً، حيث كان النبي ? يُقرىء الناس بقراءات مختلفة توسعة على الأمة، ورفعاً للحرج عنها.

وقد جاء عن النبي ? من غير وجه التحذير من الاختلاف والفرقة في القراءة خاصة، وفي الدين عامة.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:" سمعت رجلاً قرأ آية سمعت النبي ? يقرأ بخلافها فأخذت بيده إلى النبي ? فذكرت ذلك له، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال:" كلاكما محسن، ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا " (1).

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: نهي النبي ? عن الاختلاف الذي فيه جحد كل واحد من المختلفين ما مع الآخر من الحق، لأنَّ كلا القارئَيْن كان محسناً فيما قرأه، وعلَّل ذلك بأن من كان قبلنا اختلفوا فهلكوا.

ولهذا قال حذيفة لعثمان: أدرك هذه الأمة لا تختلف في الكتاب كما اختلف فيه الأمم قبلهم، لما رأى أهل الشام والعراق يختلفون في حروف القرآن الاختلاف الذي نهى عنه النبي ?.

فأفاد ذلك شيئين:

أحدهما: تحريم الاختلاف في مثل هذا.

والثاني: الاعتبار بمن كان قبلنا، والحذر من مشابهتهم.

واعلم أن أكثر الاختلاف بين الأمة الذي يُورِّث الأهواء تجده من هذا الضرب، وهو أن يكون كل واحد من المختلفين مصيباً فيما أثبته أو في بعضه، مخطئاً في نفي ما عليه الآخر، كما أن القارئين كل منهما كان مصيباً في القراءة بالحرف الذي علمه، مخطئاً في نفي حرف غيره، فإنَّ أكثر الجهل إنما يقع في النفي الذي هو الجحود والتكذيب، لا في الاثبات، لأن إحاطة الإنسان بما يثبته أيسر من إحاطته بما ينفيه (2).

وقد كان التابعون يلحظون هذه المعاني، فكانوا يتوقون أن ينكروا قراءة لم يعرفوها، خوفاً من أن تكون ثابتة عن النبي ? فيضلوا بإنكارها.

فعن شعيب بن الحبحاب قال: كان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل: ليس كما يقرأ، وإنما يقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا. قال: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال: أرى صاحبك قد سمع: أن من كفر بحرف منه فقد كفر به كله (3).

وقد بين الإمام عاصم رحمه الله كيفية التعامل في مثل هذه الأحوال، والمنهج الذي ينبغي للمتعلم أن يسلكه في اختلاف الحروف، ولم يكن منهجه بعيداً عن منهج التابعين.

قال المصنف: سأله شخص – يعني عاصماً – عن حرف من كتاب الله فيه وجهان، فأخبره بهما، فقال له الرجل: يا أبا عبد الرحمن أيهما أحب إليك؟ فغضب، فقال الرجل: ما الذي أغضبك؟ قال: قولك أحب إليك، أنا أحب هذا وهذا، قال: فكيف أقول؟، قال: قل بأيهما تأخذ أهـ.

وما يقال عن الاختلاف في القراءة يقال عن الاختلاف في التفسير، فقد نُهيت الأمة عن الاختلاف في الكتاب، بمعنى الاختلاف في تأويله، والخروج عن سبيل المؤمنين في ذلك، وكان الاختلاف في التأويل سبباً لاقتتال المسلمين، ولظهور الفرق الضالة كفرقة الخوارج والروافض.

قال ابن تيمية: ولهذا نُهيت الأمة أن تضرب آيات الله بعضها ببعض، لأن مضمون الضرب: الإيمان بإحدى الآيتين والكفر بالأخرى، إذا اعتقد أن بينهما تضادا إذ الضدان لا يجتمعان.

ومثل ذلك: ما رواه مسلم عن عبد الله بن رباح الأنصاري أن عبد الله بن عمرو قال: هجَّرت إلى رسول الله يوماً فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله ? يعرف في وجهه الغضب فقال:" إنما أهلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب " (4).

فعلَّل غضبه بأن الاختلاف في الكتاب سبب هلاك من كان قبلنا، وذلك يوجب مجانبة طريقهم في هذا عيناً (5).

ولكن الاختلاف حقيقة واقعة في القراءة والتفسير، وليس كل هذا الاختلاف داخل في الاختلاف المذموم الذي مقته النبي ? وحذر أمته منه، ذلك لأن بعض صور الاختلاف في القراءة والتفسير ليست اختلافاً على الحقيقة، وإنما يعرف ذلك بمعرفة أنواع الاختلاف.

فقد ذكر أهل العلم أنَّ الاختلاف على نوعين: اختلاف تنوع في العبارة، واختلاف تضاد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير