تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المصحف العثماني اليمني بين النفي والإثبات]

ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[10 May 2010, 04:13 م]ـ

بسم الله الرحمن الرَّحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الصَّادق الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن سار على هديهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين. أما بعد:

فمن المعلوم للمشتغل برسم المصاحف اختلاف العلماء في عدد المصاحف التي أرسلها الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فقيل: بعدد أجناد الإسلام، وقيل: أربعة، وقيل: خمسة، وقيل: سبعة، وقيل: ثمانية.

والذي يعنينا من ذلك: هل أرسل لليمن مصحفاً خاصاً بهم؟ وجوابه يتعلَّق بالخلاف السابق، وبين يدي دراسة لأحد الباحثين اليمنيين حول مصحف اليمن، وهو ضمن رسالته للدكتوراة (علم القراءات في اليمن - من صدر الإسلام إلى القرن الثامن الهجري -)

في انتظار مشاركات مشايخنا الذين لهم عناية بهذا الجانب:

فبعد أن ذكر خلاف العلماء في عدد المصاحف، قال حفظه الله: انبنى على الاختلاف المتقدّم في تحديد العدد الذي كُتِبَ من المصاحف الخلاف نفسه في إثبات وجود مصحف اليمن ونفيه.

فالقول الأوَّل: يشير بمضمونه إلى احتمال وجوده.

والقولان الثاني والثالث: لم يتضنا أي إشارةٍ إليه.

والقولان الرابع والخامس: أشارا صراحة إلى وجود مصحف اليمن.

ومن مشاهير القرَّاء والمصنفين الذين قالوا بأنَّ الخليفة عثمان قد وجَّه بمصحف إلى اليمن: أبو حاتم السجستاني ومكي بن أبي طالب وابن القاصح والمحقق ابن الجزري والشهاب القسطلاني والحافظ السيوطي، ومن النعاصرين أستاذنا الدكتور / التهامي الرَّاجي، ويقوِّي هذا الاحتمال الاعتبارات التالية:

1) إنَّ مصحف أبا موسى الأشعري رضي الله عنه وقراءته كانا قد اشتهرا في اليمن، وكان الخليفة عثمان قد أرسل بالمصاحف وأمر الناس بإصلاح مصاحفهم بمقتضاها، فكيف سيلبي اليمنيون أمر خليفتهم إذا لم يكن معهم مصحف؟!

2) إنَّ اليمن يُعد قطراً مهماً من أقطار الدولة الإسلامية بالنظر إلى ثقله العلمي والسياسي آنذاك، فليس من المنطق والحال هذه أن يتركه خليفة المسلمين دون أن يُرسل إليه مصحفاً يعتمد عليه أهله، ويقيمون مصاحفهم على منواله، فهو جزء من بلاد الإسلام، ويتلاحم مع بقية الأمصار في هذه البلاد، ويتبادل مع غيره المعارف والثقافات، فكان لابُدَّ أن يتأثر بما حوله من أحداث.

3) إنَّ ترجيح مكي بن أبي طالب بأنَّ عدد المصاحف سبعة، ومنها مصحف اليمن أمرٌ له أهميته، وذلك بالنظر إلى ضلوعه في هذا العلم ومعرفته بالرَّويات المتعددة فلن يصدر في ترجيحه عن عدم معرفة حين قال: (ورواته أكثر).ويعزو السيوطي اقتصار ابن مجاهد على ذكر قرَّاء الكوفة والبصرة والشام ومكة والمدينة دون غيرهم من قراء اليمن والبحرين إلى اختفاء مصحفيهما، وعدم شيوع ذكرهما في الآفاق، قال: وقد صنف ابن جبير المكي قبل ابن مجاهد كتاباً اقتصر على ذلك، لأنّ المصاحف التي أرسلها عثمان كانت خمسة إلى هذه الأمصار، ويقال: إن وجه بسبعة: هذه الخمسة، ومصحفاً إلى اليمن، ومصحفاً إلى البحرين لكن لمَّا لم يُسمع لهذين المصحفين خبر، وأراد ابن مجاهد وغيره مراعاة عدد المصاحف استبدلوا من غير اليمن والبحرين قارئين كمَّل بهما العدد).

ومن ثم ندرك أنَّ خبر وجود مصحف اليمن أمرٌ ثابتٌ غير أنه لم يشتهر، ولا يهمنا ذلك طالما وأنَّ كثرة الناقلين للخبر قد تحصلت – حسب قول مكي – إذ هي من الأمور التي تعضد النقل وترفع درجته، ولا عبرة بعد ذلك بعدم اشتهاره عند مَن تأخر، وإن كان في نفس الأمر مُهماً مادام النقل ثابتاً، واعتضد بكثرة الناقلين، فكم من أخبار اشتهرت على الألسنة وهي لم تستند إلى أصل صحيح، كما أنَّ ميل المحقق ابن الجزري إلى القول بأنَّ عدد المصاحف ثمانية، ومن بينها مصحف اليمن،يزيدنا اطمئناناً إلى وجوده، لأنه لو لم يكن متأكداً من صحة ما نقل لما ذكر ذلك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير