[المستدرك على السلاسل الذهبية (الأخيرة)]
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[12 Jun 2010, 11:37 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد:
فلقد درست للدكتور أيمن رشدي سويد حفظه الله كتاب " السلاسل الذهبية بالأسانيد النشرية " طريقا طريقا، كلمة كلمة، وقارنت بينه وبين الأصل كتاب النشر مطبوعا ومخطوطا، قارنت بينه وبين الطرق المنشورة في أسانيد ابن الجزري إجمالا، وتلك المفصلة في أحرف اختلف فيها الطرق عن الرواة فأضحى لديّ كتاب عدلت عن تسميته بالمستدرك على السلاسل الذهبية إلى: [تيسير طرق النشر من الأصول على الرواة] ويسّر لي هذا العمل الكبير احتفاظي بملاحظاتي منذ 1409 هـ على طرق النشر وأمهاته.
وأعلن اليوم ـ وأنا بصدد البحث عن دار للطباعة ـ أن كتاب السلاسل الذهبية قد وفّر لي كثيرا من الوقت والجهد، ولولاه لتأخر كتابي هذا بضع سنوات، ولهو أول دراسة جادة تستحق الشكر والتقدير من المتخصصين ومن طلبة العلم على السواء وقد بدأت بنفسي فشكرته بعزوي إليه جهده وتحريره وتحقيقه فلم أسرق منه نقيرا ولا قطميرا ولا فتيلا ولم أنسب لنفسي ما سبقني إليه حفظه الله كما لم أنسب إلى الدكتور أيمن ماسبقه إليه المحقق ابن الجزري رحمه الله من التحرير والتحقيق كما لم أنسب إلى المحقق ابن الجزري ما سبقه إليه من قبله من مصنفي طرق الرواة كابن مجاهد وابني غلبون والشاطبي وابن سوار وغيرهم ممن أضافوا إلى السماع النص في كتبهم ومثال ذلك أني نسبت إلى ابن مجاهد (ت 324 هـ) في سبعته طريقه لأبي الحارث عن الكسائي، واعتبرت ست طرق أخذت عنه رواة عنه تلقوا طريقه فقرأوا بها ودونوها في مصنفاهم، والإنصاف يقتضي نسبتها إلى ابن مجاهد صاحب التدوين الأول ولو عثرنا عمن دوّنها من قبل وأخذ عنه ابن مجاهد لاعتبرناه صاحب الطريق، وهكذا لم أعتبر طرقا مستقلة كلا من:
1. أبي الطيب (ت 389 هـ) في الإرشاد إذ أخذها عن ثلاثة من تلامذة ابن مجاهد.
2. طاهر (ت 399) هـ في التذكرة إذ أخذها عن أبيه
3. ابن سفيان (ت 415 هـ) في الهادي إذ أخذها عن عبد المنعم
4. المهدوي (ت بعد 430 هـ) في الهداية إذ أخذها عن ابن سفيان عن عبد المنعم
5. مكي (ت 437 هـ) في التبصرة إذ أخذها عن عبد المنعم
6. ـ الهذلي (ت 465 هـ) في الكامل إذ هو من الطبقة الرابعة ـ كالمهدوي ـ من تلامذة ابن مجاهد.
بل اعتبرتهم امتدادا لطريق ابن مجاهد المذكورة المرقمة في السلاسل الذهبية برقم (823) وألغيت من العدّ ست طرق عنه.
هكذا كانت منهجية ابن الجزري في نشره طرقه التي بلغت الألف وتبعه الدكتور أيمن فاستدركت على المنهجية أي على الكتابين لا استدراكا على ابن الجزري ولا على الدكتور أيمن سويد، بل أنا أذل في نفسي وأقل شأنا وعلما وأدبا من التفكير في ذلك.
ولأنا كذلك أجرأ الناس بمتابعة البحث العلمي ما حييت بل ما استطعت إذ هو المقدس الوحيد مما أستطيعه، أعوذ بالله أن أكون ممن بلغه علم فلم يوظفه أو تلقى رواية فنسبها إلى المتأخر قصورا منه عن تتبع مصدرها الأول، ذلكم السلوك أو استنساخ التراث هو الذي هوى بأمة عظيمة في هوة سحيقة من الانحطاط منذ ألف سنة بل تزيد قرنين أو أكثر ولا حول ولا قوة إلا بالله المستعان ولا يزال استنساخ التراث بدل تدبره والاستفادة منه وتوظيفه يزيد الأمة خبالا بما يشغلها عن تدبر الكتاب المنزل.
وكان أكثر ما استدركت على الشيخ الدكتور أيمن تقليده نشر الطرق في النشر حذو القذة بالقذة، وأسجّل له تحقيقاته الكثيرة الجيدة إذ طرقت مواضع ظلت بكرا لم توطأ من قبل بل لم تجد من يبحث في ثناياها أهي بالتحديث أم بالقراءة أم بالتحديث في بعض سلسلتها وبالقراءة في سائرها، وأسجّل له جرأته باستدراكاته على ابن الجزري إذ ألزمه في بعض الأحيان طرقا أعرض عنها ابن الجزري فلم ينشرها في نشره، وليته نسبها إلى المصنف الأول من طرق الرواة، وإنما طرق ابن الجزري في النشر قليلة جدا لا تكاد تبلغ عشر طرق.
ولقد تحدث إليّ الدكتور أيمن رشدي سويد حفظه الله في يومي هذا قبيل منتصف النهار بالتوقيت العالمي وكان معه صديقي العزيز شيخ القراء بالسنغال محمد الحسن بوصو وقال لي الدكتور أيمن ما مقتضاه أنه لا يمانع في اعتماد ما ثبت من استدراكاتي على السلاسل الذهبية وشكرت له في نفسي تواضعه ولا يتأتى من مثله من الأعلام غير ذلك وإنما رفع الله قدر شيخنا الدكتور أيمن بالقرآن وخدمته وهيهات هيهات لما يمليه الشيطان من الكبر أن يجتمع مع خدمة القرآن والتفرغ لتصحيح أدائه وفرز طرقه ليأمن الذين يتلونه العثار.
وها أنا ذا أشكر له تواضعه علنا أن لم يضق ذرعا بالباحثين المتوسطين أمثالي ولم يتأول النقد والاستدراك من المتأخر طعنا ونيلا من شخصه، أعوذ بالله أن أكون الجاهلين فأنال من الأئمة الأعلام أو أستهزئ بالمؤمنين.
ولعلي قد شرحت آنفا كيف اختصرت ألف طريق في النشر وفي السلاسل الذهبية إلى أقل من مائتي طريق تحقيقا في النشر هي الطرق المقروء بها أي هي التي تضمنتها طيبة النشر.
وأتمنى على من يهمه الأمر من المتخصصين إكرامي بنقد وتمحيص كتابي هذا الذي سأخرجه إن شاء الله في الأسابيع القلية الآتية ولتستفيد منه بعد ذلك الجامعات والمعاهد العلمية المتخصصة والباحثون في علم القراءات.
وليكون كتابي هذا " تيسير طرق النشر من أمهاته إلى الرواة " تمهيدا وتوطئة لبحث عريض انشغلت به منذ عشر سنوات لإعادة الأمة على الأداء بالمصاحف العثمانية أي إلى خمس أو ست روايات بدل الروايات العشرين أو أكثر ولعل الله يصلح آخر الأمة بما صلح به أولها.
وأدعو خيار الأمة إلى المشاركة في هذا المشروع الكبير، والله المستعان.
طالب العلم
الحسن محمد ماديك
¥