[في النفس شيء]
ـ[الجكني]ــــــــ[13 Jun 2010, 10:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بدأت في الآونة الأخيرة الاهتمامات بكتاب " النشر " للإمام ابن الجزري رحمه الله، وهو أهل لهذا الاهتمام.
لكن:
انصب اهتمام كثير من الباحثين قديماً وحديثاً على ما سموه " تحرير طرقه "، وكأن " طرقه " تحتاج إلى تحرير!!
لكن مرة أخرى:
لم أر من اهتم " بتحقيق " بعض المسائل العلمية؛ وهي كثيرة فيه، كتصحيح اسم، أو تحقيق تاريخ وفاة أو ميلاد، أو تدليس من تدليس الشيوخ في الأسماء، إلى غير ذلك.
ومن المسائل التي استوقفتني في هذا الباب مسألة:
طريق الزبيري عن روح عن يعقوب:
حيث ذكرها الإمام هكذا:
" طريق الزبيري عن روح من طريق غلام ابن شنبوذ من طريقين؛ من غاية أبي العلاء: قرأ بها على أبي (علي) الحسن ..... على ابن شنبوذ.
ومن طريق ابن حبشان من الكامل قرأ بها الهذلي على أبي نصر ..... على ابن حبشان.
ثم قال الإمام:
وقرأ ابن حبشان وغلام ابن شنبوذ على الفقيه أبي عبد الله الزبير بن أحمد الزبيري:
وقرأ الزبيري على روح بن عبد المؤمن على يعقوب. اهـ
قال العبد الضعيف:
1 - سقطت كلمة (علي) شيخ أبي العلاء من المطبوع، ولذا كتبتها باللون الأحمر.
2 - الطريق الأولى من غاية أبي العلاء هي كما ذكرها الإمام هنا (غاية الإختصار: 1/ 118).
3 - الطريق الثانية من الكامل تخالف ماذكره الإمام هنا، حيث فيه: الزبيري على ابن وهب على روح. (الكامل:262)
ووجدت نفس الطريق، أعني طريق " الكامل ": الخبازي عن ابن خشنام على الزبيري على ابن وهب على روح " في كتاب " جامع القراءات الكبير " للإمام أبي بكر الروذباري رحمه الله (ق 62/أ)، بينما اكتفى صاحب " كتاب " السلاسل الذهبية " بتوثيق كلام ابن الجزري في النشر من غايته وغاية أبي العلاء والكامل، وكان حقه أن يذكر ما في جامع الروذباري ليؤكد على صحة ما عند الهذلي!
النقاش في هذه المسألة:
ابن الجزري رحمه الله صرح في عدة مواضع من " غاية النهاية " بقراءة الزبيري على روح مباشرة، مع ذكره الخلاف في روح: هل هو ابن عبدالمؤمن أم ابن قرة أم هما واحد!؟؟
وهذه المسألة شائكة عندي؛ أعني قراءة الزبيري على روح مباشرة مع أن الإمام أبا الكرم رحمه الله قال:
" قال الزبيري: وقرأت على روح بن عبد المؤمن وأخبرني أنه قرأ على يعقوب ".اهـ (المصباح: 1/ 388) طبعة عثمان غزال مع الأسف.
ومع هذا لم يذكر له طريقاً عنه، بل ذكر له طريقاً عن رويس فقط.
رجعنا إلى ترجمة كل من: روح، والزبيري، فوجدت التالي:
1 - روح توفي سنة (234).
2 - الزبيري توفي سنة (317هـ) كما قال الذهبي في معرفة القراء الكبار (2/ 523)، وقال في السير: مات سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وذكرته في موضع آخر أنه مات بالبصرة في صفر سنة عشرين وثلاثمائة وصلى عليه ولده أبو عاصم اهـ (15/ 58) والسبكي في الطبقات (3/ 296) قال: توفي سنة 317هـ.اهـ
ومحل الاشكال هو:
ما بين سنة وفاة روح ووفاة الزبيري (83سنة):
1 - هل عاش الزبيري هذا العمر كله فضلاً عن أكثر منه؟
لا أدري، لم أجد من ذكر سنة ولاته، لكن الشك عندي لايزال قائماً في ذلك بدليل أنهم لم يشيروا إلى ذلك، بل اكتفوا ببيان مكانته الفقهية عند الشافعية.
2 - ماذكره بعض محققي كتب القراءات من أن وفاة الزبيري هي سنة (بضع وثلاثمائة) قول قاصر نتج عن عدم التحقيق في المسألة، فواضح من كلام الذهبي أنه سقطت عندهم كلمة (عشر)، والله أعلم.
ختاماً:
هذه مسألة أحببت المفاكهة والمذاكرة فيها مع المختصين والمهتمين بكتاب النشر، ليبحثوا مثل هذه الأمور والمسائل، ويدعوا عنهم محاولة بيان " الخلل " في " منهجية ابن الجزري " في كتابه، وهو أمر دونه خرط القتاد.
والله من وراء القصد.
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[14 Jun 2010, 01:43 ص]ـ
الأخ الجكني
بعد التحية والتقدير
اطلعت الآن على هذه المفاكهة والمناظرة اللطيفة جدا وكنت أستعد للنوم كما هي عادتي في العاشرة ليلا ولأتمكن من الاستيقاظ مبكرا.
وكانت هذه الطريق قد استوقفتني من قبل وناقشتها وفي النشر وفي السلاسل.
ولكن ألا يدل كلامك هذا جملة وتفصيلا على حاجة النشر هذه الموسوعة الكبيرة إلى تحرير طرق كما حاولت أنت مع هذه الطريق الواحدة، ولا يخفى أن ما جاز على المثل جاز على مماثله فإن جوزت حاجة هذه الطريق إلى تحقيق كما فعلت مطمئنا إلى حسن عملك فلا تعضل غيرك عن الإتيان بمثل ما جئت به ولا عن محاولة ذلك إن كانوا قاصرين، ولن يسلم لك ولا لغيرك اعتبار النشر بحذافيره كتابا منزلا لا يأتيه الخطأ والنسيان والسهو والقصور من بين يديه ولا من خلفه كما هو شأن جهد البشر، ورحم الله العبد الصالح الشاطبي إذ قال:
وسلّم لإحدى الحسنيين إصابة ـ والاخرى اجتهاد رام صوبا فأمحلا
وإن كان خرق فادركه بفضلة ـ من الحلم وليصلحه من جاد مقولا اهـ
ولم يقل فليتركه فهو مقدس لا يأتيه السهو والخطأ والنسيان والقصور أبدا ولتبتعدوا يا أهل القرآن أهل القراءات عن محاولة ذلك.
أقول: ستأتيك ـ حين أفرغ غدا إن شاء الله ـ بضاعتي المزجاة في هذه المسألة وأعيذك بالله أن تحاول الحجر علينا فلا تدعنا نرى إلا ما تراه لنا ولا نعلم إلا ما علمته لنا
أخوك
طالب العلم
الحسن آل ماديك
¥