[قراءة (تتلظى) في الصلاة؟]
ـ[أبو العالية]ــــــــ[20 Aug 2010, 10:33 م]ـ
الحمد لله، وبعد.
أورد البخاري رح1 في كتاب التفسير في سورة الليل بين يديها قال:
وَقرأ عُبَيدُ بنُ عُمَيرٍ: (تَتَلَظَّى).
قال مقيده غفر الله له:قوله: «تتلظى» هي قراءة شاذة. ولا تُحمل على التفسير؛ لأنَّ عُبَيداً كان يقرأها في صلاته، كما ذكره الفرَّاء عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: فاتت عبيد بن عمير ركعةٌ من المغرب، فقام يقضيها فسمعته يقرأ: «فأنذرتكم ناراً تتلظى». «معاني القرآن» 3/ 271.
وهذا يعود فهمه ومعرفته في مسألة التاءات عند القراء، فما يقول أهل الفضل من أهل القراءات؟
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[20 Aug 2010, 11:52 م]ـ
أورد البخاري رح1 في كتاب التفسير في سورة الليل بين يديها قال:
وَقرأ عُبَيدُ بنُ عُمَيرٍ: (تَتَلَظَّى).
قال مقيده غفر الله له:قوله: «تتلظى» هي قراءة شاذة. ولا تُحمل على التفسير؛ لأنَّ عُبَيداً كان يقرأها في صلاته ...
في الحقيقة لا يوجد وصف دقيق لقراءة عبيد بن عمير في المصادر، فالرسم يحتمل الإظهار والإدغام، ومن منطلق حمل كلام العلماء وأفعالهم على أحسن المحامل، يمكن أن يقال: إن عبيد بن عمير لم يخالف القراءة المتواترة، فيحتمل أنه قرأ بتاءين ولكن بالإدغام حال الوصل كرواية البزي، وقد أورد الحافظ ابن حجر في الفتح هذا الاحتمال فقال: (وقد قيل إن عبيد بن عمير قرأها بالإدغام في الوصل لا في الابتداء وهي قراءة البزي من طريق ابن كثير).
فائدة: الأثر المذكور صححه الحافظ ابن حجر في الفتح، وعبيد بن عمير من كبار التابعين ومن مشاهير القراء، وقد ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وله ترجمة في غاية النهاية.
ولكن (على تقدير أنه قرأ بتاءين مظهرتين) يبعد أن يقال إنه قرأها قبل الجمع العثماني؛ لأن الراوي عنه وهو عمرو بن دينار ولد سنة (45هـ)، أي أنه حكى عن عبيد بن عمير بعد الجمع العثماني، بتعبير آخر: بعدما تميزت القراءات المتواترة من القراءات الشاذة.
فلا يبقى إلا أن نرجع إلى الاحتمال الأول وهو أن قراءته وافقت رواية البزي، أي أن قراءته لا تعتبر شاذة، والله أعلم.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[21 Aug 2010, 08:45 م]ـ
كلام جميل، وتحليل جيد من الأستاذ الفاضل أبي عمار وفقه الله.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[21 Aug 2010, 11:51 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
جزاكم الله خيراً
ولكن يا أبا عمار لا يخفى على شريف علمكم أن البزي لا يقرأها بتاءين وإنما مشددة وصلاً، وإن كان أصل التشديد تاءين
وقارن في النشر 2/ 232 وما بعدها فصل الخلاف في تشديد التاء، جزاك الله خيراً
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[22 Aug 2010, 04:17 ص]ـ
ما رأيكم أن نفرد موضوعاً نناقش فيه مسألة القراءات الشاذة، ونتدارس أمثلتها، وكل يدلي بدلوه في تخريجها والحكم عليها.
أرى في ذلك نفعاً كبيراً، مع مراعاة كون ذلك بعد رمضان حتى يخلو الجو للمناقشة العلمية المركزة، والله الموفق.
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[24 Aug 2010, 01:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
هذا أمر جليل القدر عظيم الخطر، أرى أنه يحتاج إلى مؤتمر علمي يجمع أكبر قدر ممكن من المتخصصين في تاريخ القرآن الكريم والقراءات القرآنية دون أن يستثنى أحد يريد المشاركة.
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[24 Aug 2010, 03:27 ص]ـ
ولكن يا أبا عمار لا يخفى على شريف علمكم أن البزي لا يقرأها بتاءين وإنما مشددة وصلاً، وإن كان أصل التشديد تاءين
بارك الله فيكم أبا العالية.
صحيح أن البزي لا يقرأ بتاءين بمعنى تاءين مظهرتين، ولكنه يقرأ بتاءين أدغم إحداهما في الأخرى.
وليس التشديد هو الذي دلنا على أنهما تاءان، بل الأفعال التي قرأها البزي بالتشديد أصلها تاءان حتى على قراءة الباقين إلا أنهم حذفوا التاء الثانية، ولذلك نجد من علماء القراءات من يقول: إن الباقين قرؤوا بالتخفيف مع حذف التاء الثانية، للإشارة إلى أن أصلها تاءان.
إذاً هذه الكلمات ليست كأية كلمات أخرى مشددة، إذ ليس كل حرف مشدد أصله حرفان منفصلان كما نبّه على ذلك الإمام ابن الجزري في كتاب التمهيد، ويحسن الرجوع إليه، بينما ذكر العلماء أن هذه الكلمات أصلها تاءان، فالبزي قرأ بالإدغام، والباقون قرؤوا بحذف التاء الثانية.
قال الإمام مكي في التبصرة: (واختلفوا في تشديد التاء التي في أوائل الأفعال المستقبلة وتخفيفها، وذلك إذا كان الأصل تاءين ... ).
فرواية البزي إنما هي محاولة للوصول إلى الأصل، أي محاولة للقراءة بتاءين، إلا أنه لم يقرأ بإظهارهما حتى لا يخالف الرسم؛ لأن الكلمات مرسومة بتاء واحدة، فلجأ إلى الإدغام فأدغم التاء الأولى في الأخرى، وعلى ذلك يمكننا أن نقول عن رواية البزي: إنه قرأ بتاءين أدغم إحداهما في الأخرى.
قال الإمام مكي معللاً رواية البزي كما في الكشف (1/ 314) تحقيق د. محي الدين رمضان: (وعلته في ذلك: أنه حاول الأصل؛ لأن الأصل في جميعها تاءان، فلم يحسن له أن يظهرهما فيخالف الخط؛ إذ ليس في الخط إلا تاء واحدة، فلما حاول الأصل وامتنع عليه الإظهار، أدغم إحدى التاءين في الأخرى، وحسُن له ذلك ... ).
ولكن يرد على هذا تساؤل وهو: إذا كان البزي يحاول الأصل مع كون الإظهار ممتنعاً لمراعاة الرسم، فلم لم يحاول ذلك في حالة الابتداء؟.
فالجواب هو ما قاله الإمام مكي في بقية كلامه في الكشف: (ولم يمكنه إدغام في الابتداء؛ لأنه لا يبتدأ بمدغم، لأن أوله ساكن، والساكن لا يبتدأ به، فكان يلزمه إدخال ألف وصل للابتداء فيتغير الكلام ويزيد في الخط ما ليس فيه، فرجع إلى التخفيف في الابتداء ضرورةً ... ).
والخلاصة: أن عبيد بن عمير يحتمل أن يكون قرأ (تتلظى) كما ذكر ابن حجر والعيني بإدغام إحدى التاءين في الأخرى حال الوصل كما قرأ البزي، وجزم بذلك أيضاً الإمام ابن عطية في تفسيره.
وهذا كله احتمال واجتهاد، أسأل الله أن يلهمنا جميعاً الصواب، والله تعالى أعلم.