تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حكم الراء تفخيماً وترقيقاً في الوقف على {فرق}

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[12 Aug 2010, 05:39 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

قيّد أحد أعلام هذا العصر وهو شيخنا أيمن رشدي سويد حفظه الله تعالى قولَ ابنَ الجزريّ رحمه الله تعالى: " والخلف في فرق لكسر يوجد " بالوصل دون الوقف أيّ أنّ إجراء الوجهين في راء {فرق} يكون عند الوصل فقط. أمّا في الوقف فيتعيّن التفخيم لزوال الكسر الذي من أجله رقّقت الراء، وهو ظاهر كلام ابن الجزري في قوله "والخلف في فرق لكسر يوجد" أي كسرة القاف التي قلّلت من قوّت التفخيم مما أدى إلى جواز ترقيق الراء وصلاً.

وقد اعترضت في البداية على هذا القول في بحث وضعته في المنتدى ضمن مسائل: "الخلاف عند علماء التجويد والقراءات" فقلتُ:

أوّلاً: حتّى ولو زال الكسر الذي من أجله رُقّقت الراء وحلّ محلّها الساكن الموجب للتفخيم وقفاً إلاّ أنّ ذلك الساكن عارض للوقف. والاعتداد بالأصل هو الأصل كما هو صنيع أئمّتنا عليهم رحمة الله تعالى في توجيه المسائل كتوجيههم تغليظ اللام لورش في الوقف على {فَصَلَ} كما قال الشاطبيّ "وعندما يُسكّنُ وقفاً والمفّخم فُضّلا " فوجه التفخيم كان باعتبار أصل حركة اللام وهي الفتحة الموجبة للتغليظ، والأمثلة كثيرة أكتفي بما ذكرت، ويُستثنى من ذلك ما إذا كان الاعتداد بالعارض أكثر شهرة واستفاضة على غيره ففي هذه الحالة يقدّم الاعتداد بالعارض على الاعتداد بالأصل كما في المدّ العارض للسكون حيث قُدّم المدّ على القصر مع عروض السكون.

ثانياً: لم يقيّد ابن الجزريّ الخلاف في ترقيق راء {فرق} بوصل أو بوقف ولم يُقيّده إمامنا الشاطبيّ عليه رحمة الله عند قوله " وخلفهم بفرق جرى بين المشايخ سلسلا ". فهذه نصوص مطلقة لا يمكن تقييدها بالقياس والرأي لأنّ ذلك يُفضي إلى تعطيل مضمون النصّ بالرأي والاجتهاد وهذا ممنوع. لذا فأنّ تقييد المطلق لا يتأتّى إلاّ بوجود نصّ مقيّد لذلك المطلق، وما استُثنيّ لفظ {إسرائيل} و {يواخذ} وغيرها من تمكين مدّ البدل لورش إلاّ بنصوص ثابتة.

ثالثاً: نحن نعلم أنّ ورشاً رقق الراء الأولى في {بشرَر}. وقد علّل أئمّتنا هذا الترقيق بالمتابعة أي أنّ الراء الأولى رُقّقت تبعاً للثانية المرققة لأجل كسرتها في الوصل. السؤال: إن وقفتا على الكلمة فإنّ السبب الذي من أجله رُقّقت الراء الثانية والراء الأولى قد زال وبالتالي فإنّهما يفخّمان على رأي من أوجب التفخيم في راء {فرق} وقفاً لزوال السبب. مع أنّ الراء الأولى والثانية ترققان في الوقف والوصل عند ورش اعتداداً بالأصل. فكما رققنا الرائين في {بشرر} لورش في الوقف اعتداداً بالأصل، فإننا نُجري الوجهين في {فرق} وصلاً ووقفاً كذلك اعتداداً بالأصل.

نستفيد من هذه الجزئية ومن صنيع أئمّتنا عليهم رحمة الله تعالى قاعدة مهمّة وهي: إذا أطلق الأئمّة الوجهين في مسألة ما، فيجب إعمالهما في الوصل والوقف معاً إلاّ إذا قُيّد الإطلاق بحالة من الحالتين أي بوصل أو بوقف فيجوز حينئذ تقييد المطلق قي تلك الحالة حتّى لا نُعطّل إعمال النصّ بالاجتهاد والقياس.

انتهى الاعتراض.

وقبل أيّام اطّلعت على كتاب: "معجم مؤلّفات الحافظ أبي عمرو الداني إمام القراء بالأندلس والمغرب وبيان الموجود منها والمفقود." تأليف الشيخ الدكتور عبد الهادي حميتو حفظه الله تعالى ص9. فتعرّض حفظه الله تعالى إلى كتاب الإبانة في الراءات واللامات لورش للإمام الداني، ونقل عن أبي زيد عبد الرحمن بن القاضي ت1082 في كتابه: أيضاح ما ينبهم على الورى في قراءة عالم أمّ القرى مذهب الداني في كتابه الإبانة في الوقف على {فرق} فقال: - أي أبو زيد-:

والوصلُ في فرق بترقيق شهر ............. والوقف بالتفخيم للكلّ ذكر

نصّ عليه الداني في الإبانة .............. حجّته السكون خذ بؤهانه.

أقول: وحتّى إن كان السكون عارضاً فلا يليق بي إعمال الرأي على حساب قول إمام مثل الداني عليه رحمة الله تعالى. فقد عللّ التفخيم بالسكون الموجب له وعلّل ابن الجزري الترقيق بكسر القاق الموجب له وكلا القولين يكمّل ويؤيّد بعضه بعضاً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير