[معارك التحريرات – 4]
ـ[أحمد كوري]ــــــــ[15 Jun 2010, 02:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
معركة الوقف ليعقوب بهاء السكت على "ما" الاستفهامية (سنة: 1316هـ):
سبب هذه المعركة هو اختلاف شراح الدرة في معنى قول الناظم (في البيتين: 46 - 47):
كقالون راءات ولامات اتلها
وقف يا أبه بالها ألا حم ولم حلا
وسائرها كالبز مع هو وهي وعنـ
ـه نحو عليهنه إليه روى الملا
فقد شبه الناظم هنا مذهب يعقوب في الوقف على "ما" الاستفهامية بمذهب البزي المذكور في الشاطبية، لكن البزي له وجهان هما إثبات هاء السكت وعدمه وقفا، كما قال الشاطبي (في البيت: 386):
وفيمه وممه قف وعمه لمه بمه
بخلف عن البزي وادفع مجهلا
فالبزي إذن له وجهان في المسألة، وابن الجزري شبه يعقوب به، فهل مقتضى ذلك أن ليعقوب أيضا وجهين في المسألة، أم أن التشبيه هو في أصل الوقف بالهاء فقط، وعليه فيعقوب له وجه واحد هو الوقف بالهاء؟
هنا اختلف شراح الدرة؛ فذهب بعضهم إلى أن وجه الشبه هو أصل الوقف بالهاء فقط، أي: أن يعقوب ليس له إلا وجه واحد هو إثبات الهاء وليس له الخلاف كالبزي، وهؤلاء هم جمهور شراح الدرة ومنهم الزبيدي الذي يقول (الإيضاح لمتن الدرة: 154 – 155): "وأثبت يعقوب هاء السكت في فيمه وعمه ولمه وبمه وممه، وهو وهي كيف وقعا، ونحو عليهن فامتحنوهن وحملهن ولهن".
ومنهم السمنودي الذي يقول (شرح السمنودي على الدرة: 21): "يعني: وقف المشار إليه بحاء حلا – وهو يعقوب – بزيادة هاء السكت على "ما" الاستفهامية المحذوف ألفها عند دخول الجار للفرق، وذلك في خمس كلمات إحداها لم – وهو ما ذكره الناظم بصريحه – والأربعة الباقية: عم وفيم وبم ومم، وهذا معنى قوله:
وسائرها كالبز ......... ............................ "
ومنهم المتولي الذي يقول (الوجوه المسفرة: 125): "ووقف يعقوب بهاء السكت على لم وفيم وبم وعم ومم، وكذا على هو وهي كيف وقعا، وكذا على كل اسم مشدد نحو علي وإلي ولدي وعليهن ومنهم ومن كيدكن".
ومنهم عبد الفتاح القاضي وعبد الرافع الشرقاوي الذي ينقل هذا القول عن عبد الفتاح القاضي موافقا له عليه (حاشية الشيخ عبد الرافع الشرقاوي على شرح الدرة المضية للنويري: 1/ 292هـ): "المراد تشبيه وقف يعقوب على هذه الكلمات بالهاء بوقف البزي عليها بالهاء، بغض النظر عن الخلاف الوارد للبزي في الوقف على هذه الكلمات؛ فيعقوب له الوقف عليها بالهاء قولا واحدا، ولا يلزم مساواة المشبه للمشبه به من كل وجه، انظر الإيضاح لمتن الدرة لأستاذنا الشيخ عبد الفتاح القاضي، بتصرف".
ومنهم عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى الذي يقول (حاشية الشيخ عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى على الإيضاح لمتن الدرة: 155هـ): "فوقف يعقوب بهاء السكت في هذه الكلمات محافظة على الحركة البنائية كرواية البزي عن ابن كثير المكي، وذلك من قول الناظم:
وسائرها كالبز ............ ...........................
من غير خلاف؛ فالتشبيه بالبزي في الوقف بالهاء وليس في الوقف بعدمها مثل الوجه الآخر للبزي الذي هو من زيادات الشاطبية على التيسير، علما بأن الناظم لم يذكر في التحبير ص 78 للبزي إلا الوقف بالهاء قولا واحدا في لم الاستفهامية وأخواتها؛ وعليه فيبطل قول بعض الشراح جواز الوجهين وقفا ليعقوب أخذا من التشبيه في النظم بالبزي حيث له الوجهان من الشاطبية".
وهذا القول هو المفهوم من كلام النويري أيضا، وإن لم يصرح به، في قوله: (شرح الدرة المضية للنويري: 1/ 292): "يعني: وقف مرموز حاء حلا يعقوب كالبزي بزيادة هاء السكت على "ما" الاستفهامية المحذوفة ألفها عند دخول الجارة للفرق، لأنه لما حذف الألف ألحق هاء السكت محافظة للحركة البنائية، ووقعت في خمس كلمات إحداها لم – وهي ما ذكره الناظم بصريحه – والأربعة الباقية: عم وفيم وبم ومم، وهي التي أراد الناظم بقوله:
وسائرها ................ ............................ "
¥