[حكم قراءة القرآن الكريم بالألحان وترجيع الصوت بها]
ـ[محمد فال]ــــــــ[09 Sep 2010, 07:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أتقدم إلى المشايخ الكرام في هذا الملتقى المبارك هذا البحث المتواضع في حكم قراءة القرآن بالألحان وترجيع الصوت بها، ومن الله أستمد العون والتوفيق، فأقول:
الألحان: جمع لَحْن، و قد يجمع على لحون، والمراد باللحن هنا التلحين وهو: أن يتفنن القارئ في قراءته، لِيُصْدر أصواتاً مَصُوغةً بأساليب معينة، الأمر الذي قد ينتج عنه تغيير لبنية اللفظ القرآني ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn1)).
ومثاله ما روي عن الإمام أحمد -رحمه الله- وقد سئل عن القراءة بالألحان؛ فقال للسائل: «ما اسمك. قال: محمد. قال: أفيسرك أن يقال لك: يا موحامد ممدود» ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn2)).
والترجيع: مصدر رجّع، يُرجّع، ترجيعا، وهو ترديد الصوت في الحلق ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn3))، والمراد به في هذا المبحث: تحسين الصوت، وتطييب القراءة، بكيفية قد ينتج عنها تغيير لبنية اللفظ القرآني فيكون قريباً من التلحين ([4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn4)).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الترجيع إن أريد به ترديد الكلمة، مثل: أن يتلو آية تخويف أو تحذير، فيرددها خوفاً وخشوعاً فلا بأس به ([5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn5)).
واختلف الفقهاء -رحمهم الله-في حكم قراءة القرآن بالتلحين والترجيع إلى قولين:
القول الأول: ذهبت طائفة من أهل العلم، منهم: الأئمة: مالك ([6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn6))، والشافعي في إحدى الروايتين عنه ([7] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn7))، وأحمد ([8] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn8)) إلى منع ذلك، وأنه مكروه. وهو ما رجحه أبو العباس، وأبو عبد الله القرطبيان ([9] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn9))، وغيرهما ([10] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn10)).
القول الثاني: وذهبت طائفة أخرى منهم، كالإمام أبي حنيفة وأصحابه ([11] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn11))، والإمام الشافعي في الرواية الثانية عنه ([12] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn12))، إلى أن ذلك جائز. وهو ما اختاره القاضي أبو بكر بن العربي ([13] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn13)).
تحرير محل النزاع:
قال أبو العباس القرطبي: «ولا يشك في أن موضع الخلاف في المسألة، إنما هو فيما إذا لم يُغيّر التلحين لفظ القرآن بزيادة أو نقصان، أو ينبهم معناه حتى لا يفهم السامع ما يقرؤه القارئ، فهذا مما لا يشك فيه أنه حرام، فأما إذا سلم من تلك الأمور، وحذا به حذو أساليب الغناء، والتطريب، والتحزين، فهو الذي اختُلف فيه» ([14] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn14)).
منشأ الخلاف:
وسبب هذا الخلاف - فيما أرى- أن التلحين يتردد بين حالتين:
الأولى: أن يمطط القارئ في قراءته، فيخرج الكلام عن وضعه بزيادة أو نقصان، أو غير ذلك مما يغير في بنية اللفظ القرآني.
الثانية: أن يحسن صوته، ويطيب قراءته دون تغيير لبنية اللفظ القرآني.
فمن منع نظر إلى الحالة الأولى، ومن أجاز لاحظ الحالة الثانية.
حجة القول بالمنع:
واحتج القائلون بالمنع بالأدلة التالية:
الدليل الأول: أن القرآن الكريم إنما أنزل لتدبر آياته، وتفهم معانيه، قال الله I: چ ? ? ? ? ? ? ? ? چچ ([15] (http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn15))، وقراءته بالألحان المطربة، المشبهة للأغاني، تخرجه عما جاء لأجله من الخشوع والتفهم، وتثمر ضد الخشوع ونقيض الخوف والوجَل ([16] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn16)).
¥