تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قصة المقرئ القرشي وخطأه في النحو ورجوعه للحق]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Aug 2010, 01:03 ص]ـ

http://tafsir.net/vb/mwaextraedit4/extra/01.png

ذكر الإمام إبراهيم بن موسى الشاطبي رحمه الله في كتابه القيم الاعتصام (3/ 454) قصة طريفة وقع فيها أحد القراء في خطأ نحوي ثم رجع إلى الصواب عندما اتضح له الحق. قال الشاطبي: (حكي عن يوسف بن عبدالله بن مغيث أنه قال: أدركت بقرطبة مقرئاً يعرف بالقرشي، وكان لا يحسن النحو، فقرأ عليه قارئ يوماً: (((وجاءتْ سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد))) [ق: 19] فرد عليه القرشي (تحيدٌ) بالتنوين! فراجعه القارئ - وكان يحسن النحو - فلج عليه المقرئ، وثبت على التنوين، فانتشر الخبر إلى أن بلغ يحيى بن مجاهد الألبيري الزاهد، وكان صديقاً لهذا المقرئ، فنهض إليه، فلما سلَّم عليه وسأله عن حاله قال له ابن مجاهد: إنه بَعُدَ عهدي بقراءة القرآن على مقرئ، فأردت تجديد ذلك عليك، فأجابه إليه. فقال: أريد أن أبتدئ بالمفصَّل، فهو الذي يتردد في الصلوات. فقال له المقرئ: ما شئت.

فقرأ عليه من أول المفصل، فلما بلغ الآية المذكورة، ردها عليه المقرئ بالتنوين، فقال له ابن مجاهد: لا تفعل، ما هي إلا غير منونة بلا شكٍّ، فلج المقرئ، فلما رأى ابن مجاهد تصميمَه، قال له: يا أخي! إنه لم يحملني على القراءة عليك إلا لتراجع الحق في لطف، وهذه عظيمةٌ أوقعك فيها قلة علمك بالنحو، فإن الأفعال لا يدخلها التنوين. فتحير المقرئ، إلا أنه لم يقنع بهذا!

فقال له ابن مجاهد: بيني وبينك المصاحف. فأحضر منها جملةً، فوجدها مشكولةً بغير تنوين، فرجع المقرئ إلى الحق. انتهت الحكاية) أ. هـ الشاطبي.

وقفات مع هذه القصة الطريفة:

1 - أهمية عناية المقرئ للقرآن بعلم النحو عناية كبيرة، وهذا أمرٌ متفق عليه وكثيراً ما يقع التقصير في هذا من أصحاب العناية بالإقراء وتعليم التجويد والقراءة.

2 - أسلوب النصح المؤدب الذي اتبعه ابن مجاهد الألبيري رحمه الله مع صديقه القرشي رحمه الله، وهو موضعُ قدوةٍ ينبغي علينا التأدب به وهو حسن التأتي في نصح الآخرين حتى يُقبلَ النصحُ من الناصح، ويجعل المنصوح يُقبلُ على الحق وينقاد له.

3 - عناية العلماء بضبط قراءة المفصل لكثرة ترداده في الصلوات في مختلف العصور وأنه يبدأ من سورة ق.

ـ[عبدالرحمن المشد]ــــــــ[27 Aug 2010, 02:58 ص]ـ

جزاكم الله خيرا شيخنا

وكما قال الإمام الخاقانى

فما كلُّ مَن يتلُو الكتابَ يُقيمُه وما كلُّ مَن في النَّاس يُقرئُهُمْ مُقرِى

ـ[مصطفى محمد صالح]ــــــــ[27 Aug 2010, 04:12 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم، وأصلي على سيد الأولين والآخرين، محمد بن عبد الله القاسم الأمين.

أشكر أخي الحبيب الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري على هذه المشاركة البليغة، فالأستاذ الكريم لم يسرد هذه القصة من أجل التفكه، وإنما من أجل استخلاص العظات، وأخذ العبر. فلا خير في قوم لم يستفيدوا من تاريخهم، إن كان حسنا عملوا على أن يكون حاضرهم أحسن منه، وإن كان تاريخهم في الماضي سيئا صححوا أخطاءهم، وشمروا على سواعد الجد واستشاروا أهل العلم والمعرفة لبلوغ مرتبة الحسن.

وأخشى أخي الحبيب أن تصنف ضمن المحبين لعلماء الأندلس، وقد تحدثتَ عن بعض أعلام القراءة في هذا الفردوس المفقود، فمن الناس من يميز بين الأندلسيين أو المغاربة، وبين المشارقة، وقد راعني هذا الأمر في إحدى المشاركات.

لما امتزج العرب المسلمون الفاتحون لبلاد المغرب الإسلامي بما في ذلك الأندلس لم يبق هناك حديث عن مشرقي أو مغربي، لأن الإسلام لا يعترف بالحدود ولا بالجنسيات؛ المسلم أخو المسلم في أي مكان كان، وهذه عصبية منتنة، أرجو أن لا تتكرر من بعض الإخوة -سامحم الله-.

وكان هذا الهمز والغمز واللمز إثر استشهاد أحد الإخوة بتأليف لأحد الأندلسيين في القراءات القرآنية، فلم يعجبه الأمر، ونسي -على سبيل المثال لا الحصر- أن الإمام الجليل ابن الجزري -وهو من المشرق- على جلالة قدره -رح1 - لا تكاد تخلو صفحة من صفحات كتابه "النشر في القراءات العشر" من ذكر ما انتهى إليه علم هؤلاء السادة العلماء الأندلسيين في علم الإقراء ... لا أريد الإطالة فبالإشارة يفهم اللبيب، وقد حاولت التحدث بلطف كبير للمكانة الكبيرة لملتقى أهل التفسير في نفسي، وإن كان غير ذلك فذلك هوى من نفسي ونزغ من الشيطان وأستغفر الله؛ لأن الأصل فيمن يروم علم التفسير أو باقي العلوم الإسلامية أن يكون قدوة، ويتخلق بأخلاق عالية تميزه عمن سواه من عامة الناس.

وفقكم الله أخي الحبيب الدكتور عبد الرحمن الشهري لمشاركات جديدة مستقاة من بطون مصنفات علماء الأندلس؛ نستنبط منها فوائد جديدة، ونقطع الطريق أمام من يفرق بين علم الأندلسيين أو المغاربة تلاميذ المشارقة بعد الفتح الإسلامي، وبين ما انتهى إليه علم المشارقة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير