تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التجويد العلمي والعملي بين النظرية والتطبيق]

ـ[بودفلة فتحي]ــــــــ[13 Aug 2010, 01:52 م]ـ

[التجويد العلمي والعملي بين النظرية والتطبيق]

جمهور أهل العلم فرّقوا في مبحث حكم التجويد بين قسميه العلمي والعملي فقالوا بوجوب الأوّل وجوبا كفائيا وبوجوب الثاني وجوبا عينيّاً وفي المسألة أقوال ومذاهب أخرى سيأتي بيانها

وسنحاول من خلال هذا المطلب الوقوف على حقيقة هذا التفريق على مكانته في علم التجويد و على مدى مطابقته للواقع ...

التجويد العلمي هو قواعد العلم وجانبه النظري المسطّر في المؤلفات والكتب ...

أما التجويد العملي فهو قراءة القرآن الكريم وفق هذه القواعد دون الإخلال بشيء منها ...

إنّ السبب الأوّل والأهمّ ولا يبعد أن يكون الوحيد ... الذي دفعهم للتفريق بين القسمين هو حكمهما الشرعي المختلف ولا سببّ وجيه لاختلاف هذا الحكم إلاّ كون التجويد العملي حسب زعمهم يمكن تحصيله دون الوقوف على التجويد العلمي ... لهذا لم يأخذ حكمه وإلاّ فإنّ الأصل في الوسائل أن تأخذ حكم مقاصدها وغاياتها ... ولنا على هذه القسمة ملاحظات نسجلها في شكل نقاط لا بدّ من مراعاتها واستحضارها عند الوقوف على مباحثها ...

? سبق وأن قلنا في مباحث تعريف التجويد: " ... هي قسمة وإن كانت وجيهة في أوّل الأمر لما كان لا يزال اللسان العربي مستقيم الطبع أو قريبا من ذلك لا يحتاج إلى كثيرِ دراسة ورياضة وعناية ليصل إلى تجويد الحروف وتصحيحها , أمّا اليوم وقد غلب على كلامنا لسان الأعاجم وامتزجت العربية الأصيلة برطانة اللهجات الدارجة فإنّه يصعب ويشقّ إن لم أقل يستحيل على الواحد منّا أن يتمكن من القراءة المجوّدة الصحيحة دون الوقوف على الجانب النظري من التجويد ودراسته وبحثه وفهمه واستيعابه ... " فيعود الأمر بذلك إلى الأصل وهو كون أحكام المقاصد والغايات تنسحب على وسائلها ولا داعي ولا مجال للتفريق حينها بين القسمين من جهة حكمهما الشرعي

? وقلنا أيضاً: " ... إنّه ما من علم إلاّ وله جانب علمي وآخر عملي , لأنّ أصل العلم إنّما يقصد به العمل فالتفسير له قواعده وأحكامه والمقصود منه الفهم والتدبّر والفقه كذلك يقصد به العمل بأحكامه والأصول التمكن من الاستنباط ونحو ذلك ... فهل ذكروا هذه التفصيلات والتقسيمات في تعريفاتهم [وأحكامهم] ... بل وهل اشترطوا العمل من أجل العلم هل اشترطوا لمن يريد أن يتعلم أحكام الحجّ أن يحجّ ولمن يتعلم أحكام الاستنباط أن يستنبط أبدا لم يشترط ذلك أحد1 بل الشرط كلّ الشرط أن لا يحجّ إلاّ من فقه الحجّ ولا يستنبط إلاّ من فقه الاستنباط ولا يجوّد إلاّ من فقه التجويد فأين الفرق بين علم التجويد وغيره من العلوم ـ من هذه الحيثية ـ حتى نشترط فيه ما لم نشترطه في غيره [ونضع له ـ وحده ـ تفصيلات وتقسيمات وأحكاما خاصّة لم نضعها لغيره] ... "

? إنّ العمل بالتجويد متوقف على العلم بقواعده , وقد يدّعي البعض أنّه يستطيع الاستغناء عن شيء منها وربّما كثير منها ويعوّض ذلك بما يسمعه من القراءة الصحيحة وهذا مردود من جهتين اثنين:

• الأولى: إنّه ادّعاء لا يصدّقه الواقع فمن يأتنا بهذا الذي يحسن التجويد ولا علمَ له بقواعده

• الثانية: إنّ الإحاطة بجميع مباحث التجويد ومسائله بمجرد السماع غير ممكن إذ كثير من الأحكام لا تأخذ بالسماع كالإشمام الذي لا علاقة له بالسمع أو كتلك المتعلقة بالرسم ثمّ إنّ القواعد الكلية والأصول لا يمكن العلم بها من خلال سماع جزئياتها وأفرادها ... إذ الجمع بين هذه الجزئيات يحتاج إلى نظرة كلّية لا تتحصّل إلاّ لمن له إلمام بقواعد التجويد

? حتّى لو سلّمنا أنّ التجويد العلمي يفرق عن العملي لا من حيث وجوبه ولكن من حيث تعيّن العملي دون العلمي كما هو مذهب الجمهور على ما سيأتي بيانه ... ما حكم الواجب الكفائي إذا لم تتأد هذه الكفاية؟ أليس الإثم حينها يعمّ الأمّة كلّها؟ والمقصود بالكفاية ليس حفظ العلم ـ والله أعلم ـ وإنّما وجود كفاية من العالمين به قادرين على تصحيح قراءة الناس ... ولا أحد يقول بتعميم الإثم ولكن المطلوب والمقصود من أهل العلم والشباب منهم على وجه الخصوص أن لا يزهدوا في تحصيل هذا العلم بحجة أنّه مستحبّ أو واجب كفائي وأنّ القراءة الصحيحة ممكنة دون تعلّمه والوقوف على مسائله ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير