وقال أبو رجاء العطاردي:" كان أبو موسى يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات " أهـ (10). وأقل التلقين كل يوم آية. كما كان المقرئ المحدث يحيى بن وثاب الأسدي يتلقن من شيخه.
قال عاصم بن أبي النجود:" تعلم يحيى بن وثاب من عبيد بن نضيلة آية أية، وكان والله قارئاً " (11).
الثاني: العرض
وهو القراءة على الشيخ، وهذا هو الغالب على القراء، ولا يتهيء إلا لمن أتم حفظ ما يعرضه على الشيخ.
قال ابن الصلاح: من أقسام الأخذ والتحمل القراءة على الشيخ، وأكثر المحدثين يسمونها عرضاً من حيث إن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه كما يعرض القرآن على المقرئ أهـ (12).
قال السيوطي:" القراءة على الشيخ هي المستعملة سلفاً وخلفاً " أهـ (13).
الثالث: السماع.
وطريقته أنْ يقرأ الشيخ ويستمع الطالب، فهذا النوع من التلقي حصل فيه تردد من بعض العلماء، وأخذ به البعض الآخر.
قال العلامة السيوطي رحمه الله: وأمَّا السماع من لفظ الشيخ فيحتمل أنْ يقال به هنا لأن الصحابة رضي الله عنهم إنما أخذوا القرآن من النبي ?، لكن لم يأخذ به أحد من القراء، والمنع فيه ظاهر، لأنَّ المقصود هنا كيفية الأداء، وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته بخلاف الحديث .. وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء أهـ (14).
لكن وجد من أئمة الإقراء من أخذ بهذا النوع من أنواع التلقي، فقد ذكر المصنف رحمه الله أن الكسائي رحمه الله كان يقرأ الْقُرْآن على المنبر، والناس ينقطون مصاحفهم على قراءته.
وقال خلف بن هشام بن غالب:" كنتُ أحضر بين يدي الكسائي وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم " (15).
وقال ابن مجاهد رحمه الله:" كان الكسائِيُّ إمام الناس في عصره في القراءة، وكان الناس يأخذون عنه ألفاظه بقراءته عليهم " (16).
وقال الأزرق إسحق بن يوسف:" سمعتُ الكسائي وهو يقرأ على الناس الْقُرْآن مرتين " (17).
وقد يجوز أن يكون وقع الترخص في هذا النوع من أنواع التلقي لأجل الضرورة، وازدحام الناس على المقرئين، فقد ذكر الحافظ السيوطي أن شمس الدين ابن الجزري لما قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع عليه فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة أهـ (18).
الرابع: رواية الحروف
رواية الحروف عن المقرئ دون القراءة عليه قليل جداً بين المقرئين، وقد يفعله بعضهم عند قراءة كتاب أو مصنف في الحروف، وغالب من ألف في علوم القرآن وذكر كيفية تحمله لم يذكر هذا الوجه من أوجه التلقي عند القراء، مع أن بعض المقرئين كان يأخذ به.
فقد ذكر المصنف وغيره ممن ترجم لأبي بكر بن عياش أنه قطع الإقراء قبل وفاته بزمن، وأنَّ روايته لا ترد سماعاً من أجل ذلك، وإنما رواية للحروف من طريق يحيى بن آدم.
وقد جاء عن يحيى بن آدم أنه قال:" سألته عن الحروف فحدثني بها، وقرأتها عليه حرفاً حرفاً، وقيدتها على ما حدثني بها " أهـ (19).
وقد تلقى القراء رواية يحيى بن آدم عن أبي بكر بالقبول، مما يصحح هذا النوع من التلقي، لكن يمكن قصره على الحفاظ المتقنين، والله أعلم
ـ[نور مشرق]ــــــــ[03 Jun 2010, 04:54 م]ـ
جزاكم الله خيرًا ونفع الله بكم وبعلمكم