تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واستمرت المعركة إلى ما بعد وفاة القيجاطي، ثم انتقلت إلى المشرق؛ فرد عليه ابن الجزري، بمثل ما رد به ميمون، واحتج بنص ابن شريح وأبي شامة والجعبري وابن عبد المؤمن الواسطي، واستدل بإجماع الناس على تفخيم اللام في هذه المسألة وبأن القيجاطي لم يقرأ بذلك على أحد من شيوخه.

قال ابن الجزري في النشر: (2/ 117 – 118): "إذا رققت الراء لورش من طريق الأزرق في نحو قوله تعالى: "أفغير الله أبتغي" "أغير الله تدعون" "ولذكر الله" و"يبشر الله"، وجب تفخيم اللام من اسم الله تعالى بعدها بلا نظر؛ لوقوعها بعد فتحة وضمة خالصة، ولا اعتبار بترقيق الراء قبل اللام في ذلك ( .. ) وهو من ما لا يحتاج إلى زيادة التنبيه عليه وتأكيد الإشارة إليه لظهوره ووضوحه، ولولا أن بعض أهل الأداء من أهل عصرنا بلغنا عنه أنه رأى ترقيق اسم الله تعالى بعد الراء المرققة فأجرى الراء المرققة في ذلك مجرى الراء الممالة، وبنى أصله على أن الضمة تمال كما تمال الفتحة لأن سيبويه - رحمه الله - حكى ذلك في "مذعور"، و"السمر"، و"المنقر" واستدل بإطلاقهم على الترقيق إمالة، واستنتج من ذلك ترقيق اللام بعد المرققة، وقطع بأن ذلك هو القياس الذي لا ينبغي أن يخالف، مع اعترافه بأنه لم يقرأ بذلك على أحد من شيوخه ولكنه شيء ظهر له من جهة النظر فاتبعه لعدم وجود النص بخلافه على ما ادعاه، وذلك كله غير مسلم له ولا موافق عليه، فأما ادعاؤه أن الضمة تمال في "مذعور" فإنه غير ما نحن فيه؛ فإن حركة الضمة التي هي على العين قربت إلى الكسر ولفظ بها كذلك وذلك مشاهد حساً، والضمة التي هي على الراء في "يبشر" لم تقرب إلى الكسرة ولا غيرت عن حالتها، ولو غيرت ولفظ بها كما لفظ بـ"مذعور" على لغة من أمال لكان لحنا وغير جائز في القراءة، وإنما التغيير وقع على الراء فقط لا على حركتها، وهذا هو الذي حكاه ابن سفيان وغيره من أن الراء المضمومة تكون عند ورش بين اللفظين؛ فعبروا عن الراء ولم يقولوا إن الضمة تكون بين اللفظين، ومن زعم أن الضمة في ذلك تكون تابعة للراء فهو مكابر في المحسوس. وأما كون الترقيق إمالة أو غير إمالة فقد تقدم الفرق بين الترقيق والإمالة في أول باب الراءات؛ وإذا ثبت ذلك بطل القياس على "نرى الله". وأما ادعاؤه عدم النص فقد ذكرنا نصوصهم على التفخيم وقول ابن شريح: إنه لم يختلف في تفخيم اللام في ذلك. والناس كلهم في سائر الأعصار وأقطار الأمصار من من أدركناهم وأخذنا عنهم وبلغتنا روايتهم ووصلت إلينا طرقهم لم يختلفوا في ذلك ولا حكوا فيه وجهاً ولا احتمالا ضعيفاً ولا قوياً؛ فالواجب الرجوع إلى ما عليه إجماع الأئمة وسلف الأمة والله يوفقنا جميعاً لفهم الحق واتباعه وسلوك سبيله بمنه وكرمه".

وقال في غاية النهاية (2/ 244، في ترجمة: أبي عبد الله القيجاطي رقم: (3423): " وحدثنا [أبو الحسن علي بن عيسى بن محمد الفهري الأندلسي البسطي] عنه [أي: عن القيجاطي] برسالة كتبها في تجويز ترقيق اسم الله تعالى بعد ترقيق الراء لورش في نحو "ولذكر الله" و"أفغير الله"، وهي رسالة وهم فيها وقاس الترقيق على الكسر والتزم أنه هو الإمالة حقيقة، مع اعترافه بأنه لم يسبقه إلى هذا القول أحد، ولكنه احتج فيه بمجرد القياس وصمم على أن هذا القياس هو الصواب الذي لا يجوز غيره، وهو من القياس الممنوع لما بيناه في النشر".

لكن احتجاج الإمام ابن الجزري هنا بإجماع الناس ومخالفة المقرئ لسنده وشيوخه، يصلح للرد على جميع المحررين.

المراجع:

- شرح الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع: تأليف: المنتوري (أبي عبد الله محمد بن عبد الملك القيسي) – تحقيق: الصديقي سيدي فوزي – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء - ط 1 – 1421 هـ / 2001 م.

- غاية النهاية في طبقات القراء – تأليف: ابن الجزري (شمس الدين محمد بن محمد بن محمد) - تحقيق: ج. برجستراسر – دار الكتب العلمية – بيروت – ط 2 – 1400هـ / 1980م.

- قراءة الإمام نافع عند المغاربة من رواية أبي سعيد ورش – د. عبد الهادي حميتو – منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – المملكة المغربية – 1424هـ / 2003 م.

- النشر في القراءات العشر – تأليف: ابن الجزري (شمس الدين محمد بن محمد بن محمد) - تصحيح: علي محمد الضباع – دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[10 Jun 2010, 11:18 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

يبدو أنّ مرادكم بالتحرير هنا هو تحرير المسائل لا تحرير الطرق والأوجه كما هو صنيع المحررين كالأزميري والمتولي وغيرهما.

وهذا النقل المبارك يدلّ على أنّ القياس المحض لم يكن يوماً ما مصدراً معتبراً عند الأئمّة بل كان ممقوتاً عندهم في الجملة إلاّ ما وقع فيه البعض منهم سهواً عليهم رحمة الله، فتداركه الجهابذة من بعدهم كما فعل ابن الجزريّ وغيره في هذه المسألة. فالعبرة بما ثبت بالنصّ والأداء المشهور وتناقله الأئمّة عبر الأجيال.

جزاك الله خيراً شيخنا على هذه النقول، وأرجو المواصلة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير