تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكن يبدو أن منع الأزميري لهذا الوجه لم يشتهر كثيرا في عصره وبعده؛ إذ لم يأخذ به المقرئون ولم يثر أي نقاش، وبعد قرن وثلث أحياه المتولي ودافع عنه، فأثار بذلك هذه المعركة التي كان طرفها الثاني قراء القاهرة وطنطا الذين كانوا يدافعون عن هذا الوجه الذي تلقوه عن شيوخهم ونص عليه ابن الجزري وجميع شراح كتبه ولم يمنعه أحد قبل الأزميري، ثم حسمت المعركة في ما يبدو لصالح منع هذا الوجه بعد سيطرة مذهب المتولي على جميع نواحي الشرق الإسلامي، حتى صار تحرير هذه المسألة منسوبا إلى المتولي لا إلى الأزميري، كما يقول الشيخ محمد تميم الزعبي (طيبة النشر ط. الزعبي: 50هـ): "لأن الأزرق ليس له الغنة في اللام والراء، كما حققه العلامة المتولي"، مع أن الأزميري هو أول من حرر هذا الوجه.

يقول الدكتور إبراهيم الدوسري عن هذه المعركة (الإمام المتولي وجهوده في علم القراءات: 199):"وهذا الكتاب [الشهاب الثاقب للغاسق الواقب للمتولي] عبارة عن مجموعة رسائل تولدت بعد تأليف "البرهان الأصدق والصراط المحقق في منع الغنة للأزرق" الآنف الذكر؛ وذلك أن المتولي لما ألف البرهان الأصدق وافقه أعيان القراء بالقاهرة وارتضوا ما اشتمل عليه وانتهى إليه مؤلفه من التحقيق، إلا أن بعضهم خالفه ذاهبا إلى القول بجواز الغنة، فألف المتولي الرسالة الأولى للرد عليه وعلى من عول عليهم، وعلى رأسهم المنصوري والميهي، ثم قرئت هذه الرسالة على أكابر القراء بالقاهرة ومنهم المخالف بمحضر من شيخ الأزهر مصطفى العروسي، فأجمع قراء القاهرة على ما حرره المتولي ولم يشذ منهم أحد بذلك. ولما سمع قراء طنطا بما قرره المتولي أعظموا القيل والقال؛ لأنه خلاف ما درجوا عليه، وبعثوا رسالة ضمنوها محاولة تصحيح ما درجوا عليه، فرفع المتولي القضية إلى شيخ الأزهر، فأمر بأن يرسل إليهم المتولي نسخة من الرسالة التي رد فيها على المخالف من أهل القاهرة بادئ الأمر؛ ليجمع القراء الأحمديين فيكتبوا عليها بالإجازة أو يردوا بوجه صحيح، وكان ذلك في السنة الثانية (1284 هـ - 1867م). وبعد سنتين جاء الجواب منهم، فأثبته المتولي في هذا المجموع، ثم أردفه بالرد عليه وبيان الحق بمنع خلط الطرق وتلفيقها ومنع قراءة القرآن بالاحتمالات والاجتهادات من غير نص وثيق يجب المصير إليه والتعويل عليه".

المراجع:

- الإمام المتولي وجهوده في علم القراءات - تأليف: د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري – مكتبة الرشد – الرياض – ط 1 – 1420 هـ 1999م.

- التحارير المنتخبة على متن الطيبة – تأليف: إبراهيم العبيدي – محفوظ بمكتبة الأزهر – برقم: (1111 خصوصي 32836 عمومي، قراءات).

- تقريب النشر في القراءات العشر: ابن الجزري (شمس الدين محمد بن محمد بن محمد) - تحقيق: إبراهيم عطوة عوض – دار الحديث – القاهرة – 1425 هـ / 2004 م.

- شرح طيبة النشر في القراءات العشر – تأليف: ابن الناظم (شهاب الدين أبي بكر أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري) - تحقيق: أنس مهرة – منشورات محمد علي بيضون / دار الكتب العلمية – بيروت – ط 1 – 1418هـ / 1997م.

- شرح طيبة النشر في القراءات العشر – تأليف: النويري (أبي القاسم محب الدين محمد بن محمد بن محمد المالكي) - تحقيق: جمال الدين محمد شرف – دار الصحابة للتراث بطنطا – طنطا – ط1 – 1425 هـ 2004م.

- شرح مختصر قواعد التحرير لطيبة النشر – تأليف: محمد بن جابر المصري – تصحيح: عبد الفتاح القاضي – المكتبة الأزهرية للتراث – القاهرة.

- طيبة النشر في القراءات العشر – تأليف: ابن الجزري (شمس الدين محمد بن محمد بن محمد) - تحقيق: محمد تميم الزعبي – مكتبة دار الهدى – جدة – ط 1 – 1414هـ / 1994م.

- عمدة العرفان في تحرير أوجه القرآن - تأليف: الأزميري (مصطفى بن عبد الرحمن) – تحقيق: محمد محمد جابر، و/ عبد العزيز الزيات – مكتبة الجندي – القاهرة.

- المطلوب في الكلمات المختلف فيها عن أبي يعقوب – تأليف: الضباع (علي محمد) – مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.

- النشر في القراءات العشر – تأليف: ابن الجزري (شمس الدين محمد بن محمد بن محمد) - تحقيق: علي محمد الضباع – دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[12 Jun 2010, 01:43 ص]ـ

ما شاء الله شيخنا على هذه النفحات المباركات والتي نستخرج منها الفوائد والعبر كما في الجملة الأخيرة وهي:

ثم أردفه بالرد عليه وبيان الحق بمنع خلط الطرق وتلفيقها ومنع قراءة القرآن بالاحتمالات والاجتهادات من غير نص وثيق يجب المصير إليه والتعويل عليه".

ها هو العلامة المتولّي الملقّب بابن الجزريّ الصغير إمام الفنّ في وقته بلا منازع، يؤصّل قاعدة عند النزاع وهو الاعتماد على النصّ الوثيق المعتبر عند الخلاف وعدم الالتفات إلى الاحتمالات والاجتهادات التي أساسها الرأي المحض المؤدّي إلى الشكّ والظنّ وبالتالي مجانبة الصواب.

فاعتبروا يا أولي الأبصار ويا تلاميذ المتولّي في الإسناد.

وهذا نموذخ لأحد أعلام مصر بلا منازع في اعتمادهم على النصوص بالدرجة الأولى، فقد سبقوا غيرهم في ذلك، ولكن للأسف يُلام من اتّبع هذا السبيل القويم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير