تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عن جابر ومنه " ... ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه لقد جيء بالنار وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار كان يسرق الحاج بمحجنه فإن فطن له قال إنما تعلق بمحجني وإن غفل عنه ذهب به وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه.

وكما فصلته في كلية النبوة والرسالة من تفسيري " من بيان القرآن ".

ولقد نبّأ الله نبيه الأمي صلى الله عليه وسلم بالقرآن ومنه قوله تعالى ? إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ? المزمل 5 وللباحثين المتجردين أن يتصوروا كم هو القرآن أثقل وأثقل علينا نحن عامة الأمة إذ لم يتنزل على قلب أحد منا، وإنما نزّل الله القرآن على قلب نبيه صلى الله عليه وسلم، ووصف الله القرآن بالقول الثقيل وهو يتنزل على قلب نبيه صلى الله عليه وسلم.

فوا عجبي أن يتخذ المؤمنون القرآن مهجورا أو يتصوروه خفيفا عليهم فهمه وتدبره والاهتداء به والعمل به.

ووا حيرتي في أمة لم تستنبط ـ عبر أربعة عشر قرنا من تلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار ـ حرفا واحدا ولا حرفين من الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن، فما شغلها عن تدبر القرآن الميسر للذكر إلا أقفال على قلوبها، أقفال من المتون وافتراض الأقضية والألغاز في ما يسمونه بفقه المعاملات، وأقفال من التقليد حال بينهم وبين الطاعة باستعمال السمع والبصر والعقل في تدبر القرآن.

إن الله وصف القرآن بالقول الثقيل الملقى على النبي الأمي صلى الله عليه وسلم في سياق مخاطبته وتكليفه: أن يتجافى عن المضاجع يقوم الليل ليقرأ القرآن في صلاته قياما ثقيلا طويلا يمتدّ إلى أدنى من ثلثي الليل مرة وإلى نصف الليل مرة وإلى ثلثه مرة، قياما ينشئه بعد نوم ولتتمكن طائفة من الذين معه من تدبر القرآن والاهتداء به إلى الرشد وإلى التي هي أقوم.

هكذا صرف النبي الأمي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن الانشغال بتعدد الأداء المنزل إلى الغاية القصوى التي لأجلها أنزل القرآن وهي تدبره الذي يهديهم إلى استنباط الأحرف أي المعاني السبعة التي أنزل عليها القرآن، وليقرأنّ بحرف منها على الأقل من قرأ ما تيسّر من القرآن.

وعلم الله علام الغيوب أن الأمة لن تحصي معاني القرآن كما في قوله تعالى ? علم أن لن تحصوه ? يعني القرآن علم الله علام الغيوب أن لن تحصي الأمة كلها من أولها إلى آخرها معانيه ودلالاته رغم تكليفها بتدبر القرآن فكان تقصيرهم ذنبا تاب الله على الأمة منه وكلفهم بقراءة ما تيسر منه القرآن وعذرهم الله بسبب قصورهم عن إحصاء معاني القرآن إذ علم أن سيكون منهم مرضى عاجزون عن قيام الليل والتفرغ لتلاوة القرآن وتدبره وأن سيكون منهم من يضربون في الأرض يبتغون من رزق الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله، وأنى للثلاثة أن يتمكنوا من قيام الليل قياما ثقيلا لتدبر القول الثقيل، ولكأن الأمة كلها عبر التاريخ لو امتثلت قيام الليل وتدبر القرآن لكانت أقرب إلى أن تحصي معانيه ودلالاته وتاب الله عليهم لأن منهم أصحاب الأعذار المعدودين في سورة المزمل.

إن في القرآن معاني وموعودات وغيبا آمن به جملة من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أي أرسله بالقرآن إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا.

ولن يحصي تلك المعاني تفصيلا إلا من هداه الله بالقرآن إليها، وحسب الناس قديما وحديثا عبر التاريخ الإسلامي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن تلك المعاني كلها ويستشهدون بقوله تعالى ? وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم ولعلهم يتفكرون ? النحل 44

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير