ويقوي إعلال الحديث بالتفرّد إذا كان الراوي المتفرد في حكم الراوي الثقة، ولكن ليس من الثقات المشهورين بالعدالة والضبط، وإن كان يشمله وصف العدالة والضبط، وقال أبو حاتم عن حديث رواه قران بن تمام عن أيمن بن نابل. . . قال: " لم يرو هذا الحديث عن أيمن إلا قران، ولا أراه محفوظا، أين كان أصحاب أيمن بن نابل عن هذا الحديث؟ ".
2 - إذا ترجح لدى الناقد وقوع الوهم والخطأ في الإسناد الذي تفرد به الثفة، ويستدل على هذا بقرائن، مثل: النكارة في المتن، وأمور أخرى تصاحب التفرد.
قال ابن رجب: " وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه: إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه "
شرح علل الترمذي (1\ 352)
ويستفاد من كلام ابن رجب أن الأئمة الحفاظ قد يستنكرون بعض تفرد الأئمة الكبار، وذلك - والله أعلم - إذا وجد ما يدعو إلى الاستنكار مثل نكارة المتن، ويؤخذ من كلامه أيضا أن قوة الراوي واشتهاره بالحفظ والضبط والإتقان يجبر ما يحصل من تفرد، ويدل على هذا قول مسلم: " وللزهري نحو من تسعين حديثا يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشاركه فيه أحد بأسانيد جياد "
صحيح مسلم (3\ 1268)، تدريب الراوي (1\ 234). .
3 - أن يحصل التفرّد في الطبقات المتأخرة بعد انتشار الراوية، وحرص الرواة ورغبتهم في تتبع المرويات وجمعها، والرحلة إلى البلدان لهذا الغرض، وقد أشار إلى هذا الذهبي، فقال بعد أن ذكر طبقات الحفاظ: " فهؤلاء الحفاظ الثقات، إذا انفرد الرجل منهم من التابعين فحديثه صحيح، وإن كان من الأتباع قيل: صحيح غريب، وإن كان من أصحاب الأتباع قيل: غريب فرد، ويندر تفردهم، فتجد الإمام منهم عنده مائتا ألف حديث لا يكاد ينفرد بحديثين أو ثلاثة ومن كان بعدهم، فأين ما ينفرد به؟ ما علمته، وقد يوجد. . . وقد يسمي جماعة من الحفاظ الحديث الذي ينفرد به مثل: هشيم، وحفص بن غياث: منكرا. فإن كان المنفرد من طبقة مشيخة الأئمة، أطلقوا النكارة على ما انفرد به مثل عثمان بن أبي شيبة، وأبي سلمة التبوذكي، وقالوا: هذا منكر "
الموقظة (ص: 77، 78). .
ويستفاد من كلام الذهبي أنه يراعي في موضوع التفرّد اعتبار طبقة الراوي، فيحتمل التفرد في طبقة التابعين وثقات أتباع التابعين، وأما ما بعد ذلك، فالغالب أن يكون خطأ أو وهما من المتفرد، وقد يستنكره الأئمة.
ـ[الرايه]ــــــــ[11 - 02 - 08, 01:28 م]ـ
المبحث الثاني: حكم المرسل والاحتجاج به.
- المرسل هو: ما رواه التابعي كبيرا أو صغيرا - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قولا أو فعلا أو تقريرا، وهذا هو المشهور.
[معرفة علوم الحديث (ص: 25)، مقدمة ابن الصلاح (ص: 130 - 132)، وقد يطلق الإرسال ويراد به الانقطاع، وهذا موجود بكثرة في كلام الأئمة، قال ابن أبي حاتم: " باب شرح المراسيل المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه والتابعين رضي الله عنهم ومن بعدهم " (المراسيل ص: 8)، وفيما نقله ابن عبد الهادي عن ابن أبي حاتم أمثلة من الإرسال الذي يراد به الانقطاع.]
وفي معرض رد الحافظ ابن عبد الهادي على السبكي في تقويته لبعض المراسيل الضعيفة تحدث ابن عبد الهادي - رحمه الله - عن المرسل، وقد تضمن كلامه على المرسل ثلاث نقاط:
1 - حكم المرسل عند أئمة الحديث وتفاوت درجاته من حيث القبول والرد، قال - رحمه الله -: " ولو اطلع هذا المعترض على بعض كلام الشافعي وغيره من الأئمة في الاحتجاج ببعض المراسيل وترك الاحتجاج ببعضها لم يقل مثل هذا القول. . . وها أنا أذكر طرفا من كلام الأئمة على حكم المرسل ليطلع عليه من أحب الوقوف عليه "
الصارم المنكي (ص: 141)
¥