ثم ساق كلام ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل، باب ما ذكر في الأسانيد المرسلة أنها لا تثبت بها الحجة، حدثنا أحمد بن سنان قال: كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا، ويقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه،
حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل، حدثنا علي بن المديني، قال: قلت ليحيى بن سعيد: سعيد بن المسيب عن أبي بكر؟ قال: ذاك شبه الريح، وبه قال: حدثنا علي بن المديني قال: مرسلات مجاهد أحب إليّ من مرسلات عطاء بكثير، كان عطاء يأخذ عن كل ضرب.
وبه قال: حدثنا علي - يعني: ابن المديني - قال: سمعت يحيى يقول: مرسلات سعيد بن جبير أحب إلي من مرسلات عطاء، قلت: مرسلات مجاهد أحب إليك أو مرسلات طاوس؟
قال: ما أقربهما.
وبه قال: سمعت يحيى يقول: مالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان عن إبراهيم، قال يحيى: وكل ضعيف.
حدثنا صالح حدثنا علي قال: سمعت يحيى يقول: سفيان عن إبراهيم شبه لا شيء؛ لأنه لو كان فيه إسناد لصاح به،
وبه قال: سمعت يحيى يقول: مرسلات أبي إسحاق - يعني: الهمداني - عندي شبه لا شيء، والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير - يعني: مثله -.
وبه قال: سمعت يحيى يقول: مرسلات ابن أبي خالد - يعني: إسماعيل بن أبي خالد - ليس بشيء، ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي،
وبه قال: سمعت يحيى يقول: مرسلات معاوية بن قرة أحب إلي من مرسلات زيد بن أسلم، وبه قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: مرسلات ابن عيينة شبه الريح،
ثم قال: إي والله وسفيان بن سعيد،
قلت: مرسلات مالك بن أنس؟ قال: هي أحب إلي،
ثم قال: ليس في القوم أصح حديثا من مالك،
وبه قال: سمعت يحيى - يعني: ابن سعيد القطان - يقول: كان شعبة يضعف إبراهيم عن علي، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحاح المتصلة.
الصارم المنكي (ص: 141 143)، وينظر: كتاب المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 3 - 7). .
هذا ما نقله ابن عبد الهادي ليدلل على تفاوت المراسيل من حيث القوة والضعف، وغالب ما أورده عن يحيى بن سعيد القطان، وقد تضمن كلامه عن يحيى بن سعيد تضعيف مرسلات عطاء، وأبي إسحاق، والأعمش، والتيمي، ويحيى بن أبي كثير، والثوري، وابن عيينة، وأن مرسلات مجاهد، وطاوس، وسعيد بن المسيب، ومالك أحب إليه منها.
قال الحافظ ابن رجب: " كلام يحيى بن سعيد في تفاوت مراتب المرسلات بعضها على بعض يدور على أربعة أسباب:
أ - من عرف روايته عن الضعفاء ضعف مرسله بخلاف غيره.
ب - من عرف له إسناد صحيح إلى من أرسل عنه فإرساله خير ممن لم يعرف له ذلك.
ج - من قوي حفظه ويحفظ كل ما سمعه، ويثبت في قلبه، ويكون فيه ما لا يجوز الاعتماد عليه، يكون بخلاف من لم يكن له قوة الحفظ، وقد أنكر مرة يحيى بن معين على علي بن عاصم حديثا، وقال: ليس هو من حديثك، إنما ذوكرت به فوقع في قلبك، فظننت أنك سمعته ولم تسمعه، وليس هو من حديثك.
د - أن الحافظ إذا روى عن ثقة لا يكاد يترك اسمه، بل يسميه، فإذا ترك اسم الراوي دل إبهامه على أنه غير مرضي، وقد كان يفعل ذلك الثوري وغيره كثيرا، يكنون عن الضعيف ولا يسمون، بل يقولون: عن رجل "
ينظر: شرح علل الترمذي (1\ 283). .
2 - أورد كلام الشافعي في حكم المرسل والاحتجاج به.
قال - رحمه الله -: " والمنقطع مختلف: فمن شاهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التابعين، فحدث حديثا منقطعا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتبر عليه بأمور منها:
أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث، فإن شركه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل معنى ما روي كانت هذه دلالة على صحة ما قيل عنه وحفظه.
وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما ينفرد به من ذلك، ويعتبر عليه بأن ينظر: هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذين قبل عنهم؟
فإن وجد ذلك كانت دلالة تقوي له مرسله، وهي أضعف من الأولى.
¥