تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أشار ابن عبد الهادي إلى أن زيادة الثقة ليست مقبولة مطلقاً عند الشافعي، كما يقول كثير من الفقهاء من أصحابه وغيرهم، وهذا يوحي بأن الحافظ ابن عبد الهادي يختار التفصيل في قبول زيادة الثقة، وقد أفصح عن اختياره في كتابه " تنقيح التحقيق (1\ 366) " حيث قال: " إذا روى بعض الثقات حديثاً فأرسله، ورواه بعضهم فأسنده، فقد اختلف أهل الحديث في ذلك، والصحيح أن ذلك يختلف، فتارة يكون الحكم للمرسل، وتارة يكون للمسند، وتارة للأحفظ "،

وقال الحافظ ابن عبد الهادي في نقد أحاديث الجهر بالبسملة: " فإن قيل: قد رواها نعيم المجمر - يعني زيادة نعيم المجمر البسملة في حديث رواه عن أبي هريرة - وهو ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة،

قلنا: ليس ذلك مجمعاً عليه، بل فيه خلاف مشهور، فمن الناس من يقبل زيادة الثقة مطلقاً، ومنهم من لا يقبلها، والصحيح التفصيل، وهو أنها تقبل في موضع دون موضع، فتقبل إذا كان الراوي الذي رواها ثقة حافظاً ثبتاً، والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثقة، كما قَبِلَ الناس زيادة مالك بن أنس قوله: " من المسلمين في صدقة الفطر " واحتج بها أكثر العلماء،

وتقبل في موضع آخر لقرائن تخصها، ومن حكم في ذلك حكماً عاماً فقد غلط، بل كل زيادة لها حكم يخصها،

ففي موضع يجزم بصحتها، كزيادة مالك،

وفي موضع يغلب على الظن صحتها، كزيادة سعد بن طارق في حديث: " جعلت الأرض مسجداً وجعلت تربتها لنا طهوراً وكزيادة سليمان التيمي في حديث أبي موسى: " وإذا قرأ فأنصتوا

وفي موضع يجزم بخطأ الزيادة، كزيادة معمر ومن وافقه قوله: " وإن كان مائعاً فلا تقربوه "، وكزيادة عبد الله بن زياد - ذكر البسملة - في حديث: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " وإن كان معمر ثقة وعبد الله بن زياد ضعيفا، فإن الثقة قد يغلط

وفي موضع يغلب على الظن خطؤها كزيادة معمر في حديث ماعز " الصلاة عليه " رواها البخاري في صحيحه، وسئل هل رواها غير معمر؟

فقال: لا،

وقد رواه أصحاب السنن الأربعة عن معمر وقال فيه: ولم يصل عليه، فقد اختلف على معمر في ذلك، والراوي عن معمر هو عبد الرزاق، وقد اختلف عليه أيضاً، والصواب أنه قال: ولم يصل عليه، وفي موضع يتوقف في الزيادة "،

(ينظر: نصب الراية (1\ 360)

وهذا الذي اختاره ابن عبد الهادي هو الذي عليه عمل الأئمة المتقدمين، وهو اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة،

قال ابن دقيق: " من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنه إذا تعارض رواية مرسل ومسند، أو رافع وواقف، أو ناقص وزائد، أن الحكم للزائد، فلم يصب في هذا الإطلاق، فإن ذلك ليس قانوناً مطردا، وبمراجعة أحكامهم الجزئية يعرف صواب ما نقول "

، وقال العلائي: " كلام الأئمة المتقدمين في هذا الفن كعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وأمثالهم، يقتضي أنهم لا يحكمون في هذه المسألة بحكم كلي، بل عملهم في ذلك دائر مع الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند أحدهم في كل حديثٍ حديث "

ينظر: (النكت على ابن الصلاح (2\ 604)،

وقال الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (2\ 687): " والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه بحكم مستقل من القبول والرد، بل يرجحون بالقرائن "

وقال في شرح النخبة ص (69): والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين كعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم: اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها، ولا يعرف عن أحدٍ منهم إطلاق قبول الزيادة.]

السابع: أن المرسل العاري عن هذه الاعتبارات والشواهد التي ذكرها ليس بحجة عنده.

الثامن: أن المرسل الذي حصلت فيه هذه الشواهد أو بعضها يسوغ الاحتجاج به، ولا يلزم لزوم الحجة بالمتصل، وكأنه - رضي الله عنه - سوغ الاحتجاج به ولم ينكر على مخالفه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير