فالجرح والتعديل وعلل الحديث وقوانينه وأصوله كلها راجعة إلى معاني مدركة ظاهرة، والخفي يحاكم بالجلي، والاستدلال مطلوب مطلقا في باب النظر.
نعم أصاب الدكتور في الإبانة عن عظمة تلك الأجيال المتقدمة وما أوتيت من الحفظ والمعرفة، لكن هذا لايحقر قدر اللاحقين في أن يكون لهم في ذلك نصيبهم من النظر، فيصيرون باجتهادهم إلى مالم يصر إليه السابق ولكن بحجة.
3 - جعل-برأيه- علامة الفصل بين المتقدمين والمتأخرين الحافظ أبا بكر البيهقي المتوفى سنة (458) وهذا غريب أن يجعل البيهقي فاصلا، نعم هو قد فصل بما سماه مرحلة ما قبل الرواية وما بعد الرواية، لكن حتى على هذا فالبيهقي لايصلح فاصلا، فالرواية امتدت بعده، فأين من هذا الخطيب البغدادي، وابن عبدالبر، وابن عساكر وأبو طاهر السلفي، والضياء المقدسي؟ وهؤلاء وغيرهم خلق من أهل الإسناد والرواية جاؤوا بعد البيهقي.
فإن قيل: عمدة ما يخرجونه أسانيدهم إلى الكتب التي سبقتهم إلى جمع الحديث، كالمسانيد والمصنفات والأجزاء.
أقول: هذا صحيح في الجملةة، لكن يجامعهم فيه البيهقي، بل يجامعهم فيه طائفة كبيرة ممن تقدمه في أكثر من رووا وحدثوا كابن عدي والدارقطني والحاكم النيسابوري، فإن كتبهم شاهدة بتميز مواردهم الحديثية، وأنها ترجع في الأغلب إلى مصنفات مشهورة أو مجاميع معروفة.
ثم هذا ابن عدي في كامله يكثر من ذكر عبارة المتقدمين في كتابه، كأن يقول في الراوي لم أر للمتقدمين فيه كلاما، وربما عد المتأخرين طبقة شيوخه.
لذا، فهذا أمر نسبي لايصلح أن يكون مقياسا.
ومنه فصل الذهبي بين المتقدمين والمتأخرين برأس الثلاث مئة، وهو يتوافق مع مع ما جرى عليه ابن عدي فإن ابن عدي توفي سنة (365) وهو يعد شيوخه متأخرين، فناسب أن يكون الفصل رأس الثلاث مئة، خصوصا إذا تأملت اعتماد الرواية على التتبع من الشيوخ أو الاعتماد عليه من الكتب المجموعة، وإن بقيت بعض بقية للحمل عن آحاد الشيوخ، كنصيب ابن حبان وطبقته، وبعض من جاء بعيد زمانه، بل بقي من هذا نصيب إلى زمان متأخر بعد البيهقي.
هذه بعض المآخذ بدت لي وأنا أطلع على ما كتب الدكتور في هذا، وقد وجدت المعاصرين فيه بين أخذ ورد، ولا أحسب أن التركيز على الاعتناء بإبراز المعنى الذي أعمل الدكتور فيه رأيه يكون مفيدا لمن يشتغل بهذا العلم، ولو أنه زكز فقط على إبراز الخلل في الجانب التطبيقي عن المتأخرين لكان أجود وأبعد عن المعارك الكلامية. والله أعلم.
وكتب
أبو محمد عبدالله بن يوسف الجديع
ليدز-بريطانيا
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[01 - 03 - 08, 08:32 ص]ـ
وللفائدة فهذه روابط لكتب الدكتور حمزة المليباري التي تكلم عنها الأستاذ الجديع في كلامه السابق
كتاب ((الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين .. )) للشيخ حمزة المليباري.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=40164#post40164
والكتاب الآخر
نظرات جديدة في علوم الحديث، وهو في المرفقات على الوورد
ومنه صورة كذلك على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=621533#post621533
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[01 - 03 - 08, 09:57 ص]ـ
جزاكم الله خيراً.
نحن ننتظر مناقشات شيخنا الفاضل أبي عمر لكلام الأستاذ الجديع، ولكني أود أن أستأذن الشيخ الكريم أبا عمر حفظه الله في أن أنشر هنا هذه المقالة التي كنت نشرت أصلها في (الملتقى) أيضاً ففي هذه النسخة زيادة في المادة والتحرير، وهي ليست رداً على إنسان بعينه، وهي أيضاً لا تغني عن المناقشات المختصة بكلام الأستاذ الجديع والتي ننتظرها من الشيخ عبدالرحمن وغيره من مشايخ الملتقى. وبارك الله فيكم.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[01 - 03 - 08, 10:29 ص]ـ
الشيخ محمد خلف سلامة - رعاه الله - ..
راجع (الخاض) لو تكرَّمتَ.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[01 - 03 - 08, 11:23 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، فالأستاذ عبدالله الجديع وفقه الله له تحقيقات علمية قيمة جدا، وله كذلك تحريرات علمية دقيقة في كتابه تحرير علوم الحديث، فنسأل الله أن يثيبه ويبارك في علمه، ويزيده من الخير والعلم.
¥