تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حديث جبريل في الأفعال، فسر الإسلام بالأفعال، وهذا الحديث يدل على أن ترك المحرمات من الإسلام، أي المسلمين أفضل؟ قال: ((من سلم المسلمون من لسانه ويده)) يعني ترك ما يضر بالآخرين، وسلم الناس منه، وهذا في باب الترك.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المسلم أخو المسلم، فلا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) وهذا في انتهاك المحرمات.

إذا حسن إسلام المرء بفعل الواجبات وترك المحرمات اقتضى ترك كل ما لا يعنيه، كل ما لا يعنيه اقتضى تركه، إذا حسن إسلامه بفعل الواجبات اقتضى حسن إسلامه ووفق لترك كل ما لا يعنيه من المحرمات مرة أخرى والمشتبهات والمكروهات ومن المباحات التي لا يحتاج إليها، قد يقول قائل: المباحات لماذا تترك؟ الإكثار من المباحات وتمرين النفس عليها، وتعويد النفس عليها لا شك أنها تكون وصف ملازم لهذه النفس، بحيث لو طلبها فلم يجدها من بابها، من أبوابها المباحة لا شك أن النفس تستدعيه إلى أن يطلبها من الوجوه التي فيها شيء من الكراهة، إذا لم يجد في الأبواب التي فيها الكراهة وتساهل في أمور الشبهات ثم بعد ذلك قاده ذلك وجره إلى ارتكاب المحرمات، ولهذا كان السلف يتركون كثير من المباحات خشية أن يقعوا أو يجرهم الاسترسال في هذه المباحات إلى انتهاك المحرمات؛ لأن النفس راغبة إذا رغبتها، إذا رغبتها راغبة، لكن إذا ترد إلى قليل تقنعُ.

النفس كالطفل إن تهمله شب على **** حب الرضا وإن تفطمه ينفطم

النفس لا شك أنها تحتاج إلى الوقوف إلى أن تؤطر وتقصر ما لا يمكن تجاوزه، فإذا ترك المحرمات والمشتبهات والمكروهات وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها فإن هذا كله -مما ذكر- لا يعني المسلم، المحرمات لا تعنيه، المكروهات لا تعنيه ليس بحاجة إليها، إذا ترك فضول المباحات لم يحتج إلى المكروهات، وإذا ترك المكروهات ففراره عن المحرمات من باب أولى، والمسألة توفيق من الله -جل وعلا-، وبذل من الإنسان وسعي من الإنسان، الإنسان إذا فطم نفسه عن بعض المباحات التي لا يحتاج إليها لا شك أنه سوف يوفق إلى ترك المكروهات فضلاً عن المحرمات.

إذا كمل إسلامه وبلغ إلى درجة الإحسان، كمل إحسانه وتم إيمانه وبلغ إلى درجة الإحسان، وهو أن يعبد الله -جل وعلا- كأنه يراه، نعم من الذي دعاه إلى ترك هذه المباحات؟ وما الذي حمله على ترك المكروهات والمحرمات؟ مراقبته لله -جل وعلا-، هذه المراقبة بعد أن راقب الله -جل وعلا- في ترك المباحات، ترك فضول المباحات، لا ..... مباحات، لأن الله أحل الطيبات، ترك الفضول من المباحات والمكروهات والمحرمات الذي دعاه إلى ذلك المراقبة لله -جل وعلا-، هذه المراقبة إذا تولدت عند الإنسان هي درجة الإحسان، وهذه الدرجة أن يعبد الله -جل وعلا- كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإنه يراه، فمن عبد الله على استحضار قربه ومشاهدته بقلبه، أو على استحضار قرب الله منه وإطلاعه عليه فقد حسن إسلامه، يعني الأكمل أن تعبد الله -جل وعلا- كأنك تراه، فاستحضر هذا، إن لم تستحضر هذا والمسألة يعني عون من الله -جل وعلا- استحضر أن الله -جل وعلا- مطلع عليك، وحاسب نفسك وراقب ربك في أي عمل تريده، فمن عبد الله على استحضار قربه منه ومشاهدته بقلبه أو على استحضار قرب الله منه وإطلاعه عليه فقد حسن إسلامه، ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في إسلام وليشتغل بما يعنيه فيه.

كثير من الناس جهودهم يضيع أكثرها في لا شيء، تجده وهو سائر في الطريق ....... ، هذه العمارة لو أن لونها كذا كان أفضل، لو أن الحجر من هنا، لو أن كذا، يضيع عمره في هذا، فلان لو عمل كذا لو قدم كذا لو أخر كذا، عليك بخاصة نفسك، ما أنت مسؤول عن غيرك، نعم أنت مكلف بدعوة الآخرين بإرشاد الآخرين بتوجيه الآخرين في منعهم مما يضرهم، نعم أنت مكلف بهذا، لكن الأمور التي لا قيمة لها والتي ليست من المقاصد، وليست مما خلقت من أجله ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير