هذان إذا اجتمعا في سند فلا ينزل مرتبة الحديث من الضعيف إلى الضعيف جداً لأن وكما جاء في السؤال أن بقية الرجال – رجال السند ثقات وموثوق بهم - وقد علمنا من تعريف الضعيف أنه ضُعِّف إما لسوء حفظه أو لاختلاطه وليس الجرح في عدالته، كذلك إذا كان المرسل ثقة، فهذا الثقة على الأغلب لا يرسل إلا عن ثقة، والمرسل عند الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه يحتج به بشرط أن يكون المرسل ثقة ولا يرسل إلا عن ثقة وحجتهم أن التابعي الثقة لا يستحل أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا سمعه من ثقة – وكما قال الألباني رحمه الله أن الكذب في الصدر الأول من التابعين لا يجرب عليهم بخلاف من كان في الطبقات الدون
وكذلك هذا الانقطاع في السند يختلف عن غيره، لأن الساقط منه غالبا ما يكون صحابيا، والصحابة كلهم عدول لا تضر عدم معرفتهم وإذا كان من أرسل كما قلنا ثقة فهذا يحتج به، ويقوى هذا الاحتجاج إذا جاء الحديث موصولاً من طريقة أخرى ولو بسند ضعيف. والله أعلم
4 - رجل مبهم
*- فهذا إجابته سبقت في الحكم على المجهول ويأخذ نفس الحكم
5 - ضعيف + ضعيف منكر الحديث
*- وكذلك هذا سبق وتحدثنا عنه ويفرق بين قول البخاري أنه منكر الحديث وقول غيره من أهل العلم
والسؤال الثاني: هل المرسل الصحيح يقوي المرفوع الضعيف؟
حيث لدي حديث ورد من طريقين مرفوعين ضعيفين، عن معاذ بن أنس، وعن أبي هريرة، وورد من طريق صحيح مرسل عن سعيد بن المسيب، مع العلم أن طريق أبي هريرة من رواية سعيد بن المسيب.
*- نعم المرسل الصحيح يقوي المرفوع الضعيف إذا لم يشتد ضعفه، فإذا كان المرسل الضعيف يتقوى بالضعيف المرفوع إذا لم يكن الضعيف في طبقة التابعين خشية أن يكون قد أُرسل عنه فمن باب أولى المرسل الصحيح يقوي الضعيف المرفوع
- فمثال المرسل الضعيف يتقوى بالضعيف المرفوع، ما رواه أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ عَائِشَةَ: {أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا، وَقَالَ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ، لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا هَذَا وَأَشَارَ إلَى الْوَجْهِ، وَالْكَفَّيْنِ} وَقَدْ أَعَلَّهُ أَبُو دَاوُد بِالِانْقِطَاعِ، وَقَالَ: إنَّ خَالِدَ بْنَ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا
غير أن َلَهُ شَاهِدٌ مرفوعا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعَ إبْرَاهِيمَ بْنَ عُبَيْدِ بْنَ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَظُنُّهُ، {عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا أُخْتُهَا عَلَيْهَا ثِيَابٌ شَامِيَّةٌ} فذكر الْحَدِيثَ.
*- واختم هذه الاجابات بملاحظة هامة ذكرها العلامة الألباني رحمه الله تعالى حين سؤل " متى يصلح الحديث للشواهد؟
فأجاب رحمه الله قائلا " يقول علماء الحديث، الحديث يتقوى بكثرة الطرق ولو كان ضعيفاً لماذا؟ لأن المهم في رواية الحديث ألا يكون من يكذب تعمداً، فإذا جاء في طرق مختلفة وفي كل طريق منها ضعف دون تهمة، فمجموع هذه الطرق تعطي لأصل الحديث الذي توفرت هذه الطرق على روايته تعطي لهذا الحديث قوة وعلماء الحديث استنبطوا هذه القاعدة من قوله تبارك وتعالى في شهادة المرأة أنها من نصف شهادة الرجل، فلو شاهدة تطلبت رجلين عدلين ولم يتوفرا قاما مقامهما أربعة من النسوة، والعلة في ذلك أن تضل إحداهما فتذكر احداهما الاخرى
وقد اشترط علماء الحديث في تقوية الحديث بالطرق الضعيفة بأن لا يكون هناك احتمال التواطىء وهذا يعرف بِسُبُل عندهم، منها مثلاً: أن يكون الضعيف في الطريقة الأولى مثلاً شامياً ويكون الضعيف في الطريق الثاني مصريا، ويكون الضعيف في الطريق الثالث يمنياً، فهذا يُستبعد عادة أن يلتقوا وأن يتواطؤوا على رواية هذا الحديث، على أنهم ليسوا متهمين على الكذب وإنما هم متهمون في ذاكرتهم وعلى سوء حفظهم هذا يكفي لدفع تهمة التواطىء عندهم، كذلك بالنسبة للمرأة في شهادتها مع الأخرى ممكن أن يتواطأن مع بعضهن البعض لكن يجب أن يكونوا من العدول الثقات المؤمنات الصالحات
- إذن القاعدة عند علماء الحديث لتقوية الحديث ألا يكون فيها كذابا أو متهما
- لكني ألمس في تجربتي الخاصة أن الطرق إذا كانت كثيرة وكانت شديدة الضعف لكن ليس فيها وضاعون كذابون أيضاً هي تعطي للحديث قوة، لكن هنا الأمر يتطلب طرق أكثر من الطرق التي يكون فيها ضعفاء ليسوا متهمين ولا مهجورين في الرواية
الخلاصة: إذا جاء حديثان فيه رجلان عدلان ولكنهما ضعيفان من جهة سوء حفظهما فهنا يقوي أحدهما الآخر فيصبح الحديث حسن لغيره، وإذا كثرت الطرق، يرقى إلى الصحيح لغيره.
هذا والله أعلم
كتبه / أبو محمود أحمد رزوق