تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لورود الشريعة المطهرة بلسان العرب. وتلك الأشياء: كالعلم بالرجال، وأساميهم، وأنسابهم، وأعمارهم، ووقت وفاتهم، والعلم بصفات الرواة، وشرائطهم التي يجوز معها قبول روايتهم، والعلم بمستند الرواة، وكيفية أخذهم الحديث، وتقسيم طرقه، والعلم بلفظ الرواة وإيرادهم ما سمعوه، وإيصاله إلى من يأخذه عنهم، وذكر مراتبه والعلم بجواز نقل الحديث بالمعنى، ورواية بعضه والزيادة فيه، والإضافة إليه ما ليس منه، وانفراد الثقة بزيادة فيه. والعلم بالمسند وشرائطه والعالي منه والنازل، والعلم بالمرسل وانقسامه إلى المنقطع والموقوف والمعضل وغير ذلك واختلاف الناس في قبوله ورده، والعلم بالجرح والتعديل، وجوازهما ووقوعهما، وبيان طبقات المجروحين والعلم بأقسام الصحيح من الحديث والكذب (3)، وانقسام الخبر إليهما وإلى الغريب والحسن وغيرهما، والعلم بأخبار التواتر والآحاد، والناسخ والمنسوخ وغير ذلك (4) مما تواضع عليه أئمة الحديث، وهو بينهم متعارف، فمن أتقنها أتى دار هذا العلم من بابها، وأحاط بها من جميع جهاتها، وبقدر ما يفوته منها تنزل عن الغاية درجتُهُ، وتنحط عن النهاية رتبته، إلا أنَّ معرفة التواتر والآحاد، والناسخ والمنسوخ، وإنْ تعلقت بعلم الحديث – فإنَّ المحدّث لا يفتقر إليها، لأنَّ ذلك من وظيفة الفقيه؛ لأنَّه يستنبط الأحكام من الأحاديث، فيحتاج إلى معرفة المتواتر والآحاد والناسخ والمنسوخ، فأمّا المحدّث، فوظيفتُهُ أنْ ينقل ويروي ما سمعه من الأحاديث كما سمعه، فإنْ تصدى لما وراءه فزيادةٌ في الفضل، وكمالٌ في الاختيار)) (5).

لقد أطال ابن الأثير رحمه الله تعالى وأطاب، وأبانَ لمن جاء بعده البضاعة لهذه الصناعة، وأنَّها صناعةٌ ليست كبقية الصناعات. ونحن نعلم أنَّ علم العلل رأسُ علوم الحديث، إذ من خلاله نعرف صحيح الحديث من ضعيفه، ونميز عدله من معوجه، ومرفوعه من موقوفه ومسنده من مرسله.

...................

(1) النحل: 43

(2) " تذكرة الحفاظ "1/ 4، هكذا قال الذهبي رحمه الله تعالى في زمانه ذاك الذي يزخر بالعلم، فكيف لو رأى زماننا هذا، والناس في غربة العلم في هذا الفن العظيم نسأل الله العافية.

(3) في المطبوع: ((والكاذب)) وهو غير مستقيم.

(4) فمن أقحم نفسه في زمرة أهل الحديث، ولم يحُصِّل ما ذكر أو غالب ما ذكر، ثم عمد إلى إعلال الأحاديث خرج بمقدمات لا نتائج لها، وبنى على غير أساس، وأساء من غير إفادة، وربما نقش قبل تثبيت العرش. والعلماء حذروا من ذلك غاية التحذير؛ لأنَّ الحكم على الحديث له أهمية في الشرع، فالسنة مصدر مهم من مصادر الأحكام يستنبط من صحيحها الحلال والحرام، فإدخال شيء إلى السنة ليس منها أو نفي شيء منها أمر تترتب عليه تبعات خطيرة أمام الله، نسأل الله السلامة.

(5) "جامع الأصول" 1/ 36 - 38، وعلى كلام ابن الأثير الأخير؛ فإنَّ رتبة الفقيه أعلى من رتبة المحدث، فالمحدث من أحاط بعلم الحديث رواية ودراية، فإذا أضيف إليها الاستنباط فهو الفقيه. أما من لم يحصل علم الحديث وجاء يتحذلق الفقه فهو ليس بفقيه؛ إذ شرط الفقيه أنْ يكون محدثاً.

.................................................. ............................................

وصاحبُهُ يحتاج جميع أدوات الفن مع حاجته إلى الفنون الأخرى من العلوم ليتقن فيها علم الحديث، قال الحافظ ابن حجر مبيناً صعوبة علم العلل: ((وهو منْ أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله تعالى فهماً ثاقباً وحفظاً واسعاً، ومعرفة تامة بمراتب الرواة، وملكة قوية بالأسانيد والمتون، ولهذالم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن: كعلي بن المديني، وأحمد بن حنْبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبي حاتم، وأبي زرعة، والدارقطني. وقد تقصر عبارة المعلل عن إقامة الحجة على دعواه كالصيرفي في نقد الدينار والدرهم)) (1).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير