ـ[ماهر]ــــــــ[04 - 10 - 08, 03:33 م]ـ
فمن الواجب المؤكد أن يتنبه العبد إلى أن الحكم على عبادة ما بأنها بدعة لا يكون مفضيا بالضرورة إلى وصف القائل بها بأنه مبتدع لاحتمال التأويل ولاحتمال الخطأ ولاحتمال الإعتماد على نصوص من السنة هي عند المحتج بها صحيحة وعند غيره ضعيفة كما في مسألة القنوت في الفجر وقول الشافعية بسنيته .. ,
فالله الله في الحث على إلتزام السنن والتحذير من البدع،فإن أمر البدع عظيم، وكذا وصف الأمر بأنه من السنة لايقل خطورة عن ذلك .. ولأجل ذلك أفردت موضوع مسألة سنة الجمعة القبلية والبعدية وهل هي من البدع و المحدثات أم هي من السنن الثابتةعن النبي صلى الله عليه وسلم ..
مسألة سنة الجمعة القبلية و البعدية وهل هي من البدع والمحدثات أم هي من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ــ أخرجه أبوداود [1128] حدثنا مسددـ حدثنا إسماعيل ـ أخبرنا أيوب عن نافع قال كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته،ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .. والحديث الصحيح
قلت: وهذا إسناد صحيح، إلا أنه لاحجة في هذا الخبر على سنة الجمعة القبلية، فالشطر المرفوع من هذا الحديث هو الشطر الأخير منه دون الشطر الأول.
قال ابن القيم رحمه الله في الزاد [1/ 436] هذا لا حجة فيه على أن للجمعة سنة قبلها، وإنما أراد بقوله [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك] أي أنه كان يصلي الركعتين بعد الجمعة في بيته، لا يصليها في المسجد و هذا هو الأفضل ..
وتابعه على ذلك الحافظ ابن حجر، ورد على من ادعى أن الحديث بأكماله مرفوع فقال في الفتح [2/ 341]
.. وأما قوله:كان يطيل الصلاة قبل الجمعة،فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعا،لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إذا زالت الشمس،فيشتغل بالخطبة،ثم بصلاة الجمعة،وإن كان المراد قبل دخول الوقت، فذلك مطلق النافلة، لا صلاة راتبة، فلا حجة فيه لسنة الجمعة التي قبلها، بل هو تنفل مطلق و قد ورد الترغيب فيه.
قلت: و يؤيد هذا أن ابن عمر رضي الله عنه، وقد روى تطوع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر فيه إطالة الصلاة قبل الجمعة ولا أنه قد سن للجمعة سنة راتبة،ففي الصحيحين من حديث بن عمر رضي الله عنه ــ قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعد الظهر وسجدتين بعد المغرب و سجدتين بعد العشاء وسجدتين بعد الجمعة،فأما المغرب والعشاء ففي بيته .. انظروا إلى دقة نظر البخاري رحمه الله في التبويب لحديث ابن عمر رضي الله عنه ..
وقد كان البخاري رحمه الله دقيق النظر في التبويب لهذا الحديث .. وكما قيل فقه البخاري من تراجمه ..
فقد أخرجه عنده من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر بنحوه إلا أنه قال:وكان يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين وبوب له باب [1/ 296] باب:الصلاة بعد الجمعة و قبلها ... فقدم الكلام على السنة القبلية لأن هذا الحديث يدل دلالة قوية قاطعة على عدم ثبوتها إذ لو كانت ثابتة لذكرها ابن عمر في صفة تطوعه صلى الله عليه وسلم.
[باب الصلاة قبل العيد ويعدها] فذكر الصلاة على ترتيبها الصحيح القبلي فما بعده، وذلك لأن حديث الباب عنده ينفيهما جميعا، فكأنما رتب الصلاة في أبواب الجمعة على المثبت ثم المنفي، وكما يقولون فإن المثبت مقدم على النافي، ولذا قدم ما أثبته النص، فلما كان الحديث في العيدين ينفي الصلاة قبل العيد وبعدها، ذكرهما بحسب ترتيبهما لأنه لا مزية لأحدهما فيقدمه على الآخر في التبويب.
قال ابن المنير في الحاشية و وجه العناية المذكورة ورود الخبر في البعد صريحا دون القبل، وقال ابن بطال إنما أعاد بن عمر ذكر الجمعة بعد الظهر من أجل أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي سنة الجمعة في بيته بخلاف الظهر و الحكمة فيه أن الجمعة لما كانت بدل الظهر واقتصر على ركعتين ترك التنقل بعدها في المسجد خشية أن يظن أنها التي حذفت.
وقوله .. ويصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته ويدل عليه رواية الليث عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك أخرجه الإمام مسلم.
¥