تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كلها، وكذلك ردُّ الأقوال الضعيفة من زلات العلماء، وبيانُ دلالة الكتاب والسنة على ردِّها، ومن ذلك بيان ما صحَّ من حديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومالم يصح منه بتبين حالِ رواته ومَنْ تُقْبَلُ رواياته منهم ومن لا تُقبل، وبيان غلط مَنْ غلط من ثقاتهم الذين تقبل روايتهم)).

أما سؤالك عن منهج الشيخ الألباني فلا يختلف عاقلان أنَّه علامةٌمحدثٌ معاصرٌ، وهو إمامٌ من أئمة المسلمين، وكان له دور عظيم في نصرة السنة وقمع البدعة، بل إنَّ هذه النهضة الحديثية التي يشهدها العالم هي أثر مم آثاره، وحسنة من حسناته، وليعلم كل منصف أنَّ الشيخ قضى عمره ووقته في نصرة الحق، واتباع الدليل، والسير على منهج السلف، ونبذ التقليد. وهو بشر من البشر له اجتهادات في الفقه والحديث والرجال أصاب في كثير وأخطأ في كثير، وما أخطأ فيه فلا يُعد عيباً عليه، فقد بذل الجهد واستفرغ الوسع وهو مأجور – إن شاء الله – وكثير من التقنية التي بين أيدينا الآن لم تكن بين يدي الشيخ آنذاك، وطالب العلم – بل المنهج الذي رسمه الشيخ الألباني وغيره من المجتهدين المجددين – يأخذ الحق ويتبع الدليل، ولا يقلد أحداً، ونحن لو أخذنا بجميع أحكام الشيخ مسلّمين لها فنكون مقلدين لم نسر على منهج الشيخ الذي رسمه وأراده ودعا إليه، وأفنى عمره فيه تأصيلاً وعملاً. وخذ مثالاً على ذلك ابن القيم لما خالف شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من المسائل، فلو أنَّه قلده في الجميع لما كان قد سار على منهجه في الاجتهاد واتباع الدليل، بل إنَّ التقليد والتعصب شأن الجامدين العاطلين.

ومن الدليل على الكلام المذكور آنفاً أنَّ الشيخ نفسه قد تراجع عن كثير من أحكامه السابقة على الأحاديث والرواة وغير ذلك مما يتعلق بعلم الحديث، وهذا ننتفع منه إنصاف الشيخ واتباعه للحق حتى ولو خالف نفسه، وأنه بشر يخطيء ويصيب.

وأما سؤالك: ((ومن من المحدثين المعاصرين من أرتقي لدرجة الاجتهاد في صناعة الحديث حتى وصل لدرجة التصحيح و التضعيف وكان ممن اعتمد علي حكمه في التصحيح و التضعيف علي منهج الأوائل رحمهم الله؟)).

فالجواب: هناك كثير من المعاصرين ممن يعمل في خدمة الحديث ولكن لا تطيب نفسي لأحكام أحد من الأحياء إلا للشيخ عبد الله السعد والشيخ سليمان العلوان وغيرهم لا يرقى إلى مرتبتهم.

أما قولكم: ((وكما تعلمون البون الشاسع بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين في هذه الصناعة فهل هناك باب كما اجتهد الأوائل وخاصة لأن هناك كثير لم يحقق تحقيقاً دقيقاً وخاصة كتب التواريخ المطولة حيث سمعت من أحد المشايخ يقول أن كتب التاريخ الإسلامي تحتاج إلي رجال وذلك لسعة حجمها وكثرة الأثار بها.)) فالجواب عن هذا مما يحزن، فإنَّ الأخطاء التي في أسانيد كتب التاريخ ليست خاصة بها، بل إنَّ كثيراً من كتب الحديث فيها من التصحيف والتحريف والسقط والزيادات المقحمة ما الله وحده به عليم وكثير من دور النشر، بل أغلبها لا يعتنون بذلك، وقد كتبت قبل أيام خطاباً إلى مكتبة الرشد أنبههم فيه على بعض التصحيفات والتحريفات الواردة في بعض منشوراتهم، وهناك أدعياء للتحقيق ومرتزقة كتب، ولهم معامل للتحقيق، أسهموا في إخراج عدد من كتب السنة بصورة مشوهة؛ إذ آثروا العاجل على الآجل، ولم يكن من وكدهم العلم النافع، والنصح للسنة.

أما باب التصحيح والتضعيف فهو مفتوح لمن تمكن في الفن وقويت معرفته، وابن الصلاح لم يغلق باب الاجتهاد في التصحيح والتضعيف لكن من جاء بعده لم يفهم مراده، وإنما هو أراد أن هذا العلم دين وأن قضية التصحيح والتضعيف قضية دينية تترتب عليها تبعات كبيرة أمام الله تعالى، وهو إنما أراد التشديد والتعسير وأن الأمر لا يستطيعه كل أحد.

وفي الختام أقول لنفسي ولإخواني أن النصيحة للدين من أفضل الواجبات وأعظم القربات، وتلك وظيفة العمر وهو جهاد الأمة وواجب الجميع، ومن ذلك طلب العلم والعمل به والدعوة إليه، وللإنسان في ذلك فرص شتى، ومن تلك الفرص تعلم هذا العلم وتعليم الآخرين وخدمته تدريساً وتأليفاً وإرشاداً وتوجيهاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير